حول الدراما المصرية وتحولاتها، تحدث الكاتب د. زين عبد الهادي، أستاذ علم المعلومات وتاريخ المعرفة والروائي، في تصريحات خاصة لــ “الدستور”.واستهل “عبد الهادي” حديثه قائلا: “إن الإنتاج الفني من المسلسلات المصرية، ابتعد لسنوات طويلة عن نبض الشارع، وعن هموم المواطن، وعن الخيال وعن الهوية، وحين نتحدث عن ذلك فنحن نتحدث عن واقع نعيشه في ظروف عالمية اقتصادية وسياسية متشابكة، ولا يمكن تقديم محتوى درامي خال من رصد كل هذه القضايا، خاصة في رمضان وهو الموسم السنوي للمسلسلات المصرية”.
ولاد الشمس حقق جماهيرية كبيرة
واستدرك: “ولكن هناك أيضا مسلسلات حققت جماهيرية كبيرة خاصة “ولاد الشمس” الذي التقى موضوعا ورؤية وتمثيلا وتصويرا وإخراجا مع التطلعات الجمالية لدى الدراما المصرية، فالكادرات الواسعة للمحيط البصري للشارع المصري خاصة منطقة وسط البلد التي تمثل كيانا حاضرا في الدراما المصرية والتي رأيناها لدى المخرج الراحل محمد خان، كانت أمرا لافتا بشدة، واعتمد على مجموعة من المواهب الصاعدة والواعدة كطه الدسوقي وأحمد مالك، وبغض النظر عن بعض الحشو لكن المصور والمخرج بذلا جهدا رائعا في مزج الحدث بعمران مصر الخديوية، كادرات محمد خان في أفلامه للاحتفاظ بالصورة الذهنية المتغيرة لهذا العمران. والعمل الخيالي الوحيد هو جودر 2، والحقيقة أن من أهم عيوب الدراما المصرية البعد عن مناطق الخيال التي يحتاجها المجتمع بشدة للخروج من أزماته الاقتصادية، أي كيف نساعده على الخروج من خلال أعمال تمكنه من إعادة النظر لحياته وكيف يمكنه ان يعيد تشكيلها في الأزمات، الخيال هو منطقة الوعي بقدرة العقل على تجاوز الأزمة”.وتابع “عبد الهادي” حديثه عن الدراما المصرية، لافتا إلى: “أظن أنه كان جيداـ كما كان مسلسل مي عز الدين وآسر ياسين قلبي ومفتاحه، ممتعا أيضا للبحث في العلاقات الأسرية للمطلقات ونظرة المجتمع لهم، من خلال علاقة رومانسية كانت مدهشة، أيضا الاستمتاع بقدرة المصور والمخرج على نقل صورة بصرية مدهشة للعمارة الشعبية وأيضا وسط البلد، وأظن أيضا أنهما راعيا بشكل ممتاز هذه العلاقة بين المكان والأحاسيس والمشاعر”.واستكمل: “المسلسلات ذات الطبيعة الوطنية – غير الموجهة- مثل مسلسلات أنور عكاشة اختفت تماما، وربما نحن في حاجة لإعادة ورشة الكتابة الكبيرة، وأيضا النظر في الروايات المصرية ذات الطابع الملحمي ويمكنني ذكر بعضها، ولكن دون تحيزات هناك الكثير منها الذي يصلح للتليفزيون بشكل كبير، ويمكنها أن تعيد الدراما المصرية للواجهة، من خلال التعامل مع بيئات متنوعة جماليا ومكانيا، وهو ما يؤكد على أن العلاقات المفقودة بين الرواية وبين السينما والتليفزيون يجب رأب صدعها المتزايد، نحن بحاجة إلى إعادة صناعة الجمال والخيال للعقل المصري”.واختتم قائلا: “هناك أيضا مسلسلات ذات طابع كوميدي كانت أقل من المستوى لقيمة أصحابها من الممثلين ودون ذكر أسماء أو الخوض في تفاصيل، هناك من لا يستحق أن تفرد له ساعات المشاهدة لأنه لا قيمة لما يؤديه، ولن أتحدث عن المخرج الشهير لأني لا أصدق حرفا واحدا مما يقول وعليهم أن يعودوا للصواب في التليفزيون فلا يمكن عرض ما للسينما في التليفزيون فهذا أمر يتسم بالجهل والعناد والتضحية بقيم المجتمع”.