من وجهة نظر البشر، تعتبر الديدان مقززة للغاية، وعندما يمتلئ اللحم بها، فهذا يعني أنه فاسد ويجب التخلص منه فورًا، لكن وفقًا لإحدى الباحثات، كان منظور إنسان نياندرتال للديدان مختلفًا تمامًا، حيث تجادل الباحثة بأن إنسان نياندرتال كان يستهلكها بانتظام وبإرادته، مدركًا على ما يبدو أنها مصدر غني ببعض العناصر الغذائية الحيوية.
صرحت عالمة الأنثروبولوجيا القديمة ليزلي أييلو، الرئيسة السابقة لمؤسسة وينر-جرين للأبحاث الأنثروبولوجية، في بيان نشرته مجلة ساينس، بأن هذا الاكتشاف الجديد يقدم حلاً لسؤال لم يجب عليه بعد حول نظام إنسان نياندرتال الغذائي ونمط حياته، فإذا كان إنسان نياندرتال يدرج اليرقات في نظامه الغذائي، فهذا يعني أنه لم يكن يستهلك كميات وفيرة من اللحوم كما كان يفترض سابقًا، بناءً على ما كشفت عنه دراسات بقايا هياكله العظمية. سيجبر هذا الاكتشاف العلماء على إعادة النظر في أفكارهم حول ما كان إنسان نياندرتال يأكله فعليًا يوميًا، وفقا لما ذكره موقع ancient orgnins.
استنتج الباحثون منذ زمن طويل أن إنسان نياندرتال كان من الحيوانات المفترسة الفائقة، وكان يتناول لحومًا أكثر بكثير من أبناء عمومته من الإنسان العاقل، وقد توصلوا إلى ذلك من خلال تحليل نسب النظائر في عظامه، والتي أظهرت مستويات عالية من النيتروجين-15 مقارنةً بالنيتروجين-14، وهو ما يُشير عادةً إلى اتباع نظام غذائي غني باللحوم، ولكن يبدو الآن أن هذا الاستنتاج كان خاطئًا.
في عرض قدمته مؤخرًا في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية لعلماء الأنثروبولوجيا البيولوجية، شرحت عالمة الأنثروبولوجيا البيولوجية ميلاني بيزلي من جامعة بيردو للحضور كيف توصلت إلى استنتاج مفاده أن إنسان نياندرتال كان مستهلكا متحمسًا للديدان (يرقات الذباب)، وهو الأمر الذي يجعل جلد الشخص العادي يرتجف.
بدأت الدكتورة بيزلي بإعادة النظر في المعتقدات التقليدية حول عادات إنسان نياندرتال الغذائية بعد اطلاعها على تقرير في مجلة الأنثروبولوجيا القديمة لعالم الآثار جون سبيث من جامعة ميشيغان، ووثّق بحث سبيث روايات تاريخية من المبشرين ومستكشفي القطب الشمالي حول حالة تعرف باسم جوع الأرانب، كان هذا المرض يُصيب الأفراد الذين يستهلكون كميات كبيرة من لحوم الطرائد قليلة الدهون، مما يؤدي إلى نقص الدهون الكافية في أنظمتهم الغذائية.