– بعض الموظفين يرون فى أنفسهم أوصياء على الثقافة
– حجم الصناعات الإبداعية يصل إلى 6.5 تريليون دولار.. والكتاب العربى يستحوذ على %0.5 فقط من السوق العالمية
– تصدير الثقافة بمعناها الواسع مثل الكتاب.. السينما.. الفن.. الرياضة يساعد ويمهد لباقى الصادرات
– الكتاب المدرسى من أهم نشاطات الناشرين فى العالم..
– الوزارات تحدد القيم والمناهج ودور النشر تتنافس على التنفيذ.. وهذا سر تميز الدول المتقدمة فى التعليم مثل فنلندا وكوريا وسنغافورة
– دار الشروق تصدر اليوم ما بين 200 إلى 350 عنوانًا سنويًا ما بين كتب جديدة وإعادة طباعة فى حين أن دور النشر الأوروبية تصدر أكثر من 1000 إلى 2000 عنوان سنويًا بفضل العدد الكبير للمكتبات العامة والمدرسية هناك
– حتى الآن فى معظم العالم العربى الكتاب الورقى يظل الشكل الأكثر انتشارًا بنسبة كبيرة بينما يشكل الكتاب الإلكترونى نسبة ضئيلة قد لا تتجاوز %2. وللأسف هناك حركة تزوير إلكترونى واسعة عبر ملفات PDF المصورة من الكتب وهذه ليست نشرًا إلكترونيًا حقيقيًا
نستكمل فى السطور التالية الجزء الثانى من حوار المهندس إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة الشروق، مع الإعلامى حازم شريف، فى أحدث حلقات «Podcast Level CEO» المذاع على قناة جريدة المال باليوتيوب، حيث تتكشف ملامح رؤية شاملة تتجاوز حدود النشر والثقافة إلى مفهوم أوسع: كيف نبنى مؤسسات قادرة على الحياة فى عالم متغير.

يتحدث المعلم بعين الناشر والمثقف ورجل الصناعة فى آن؛ عن التجربة، والمخاطرة، والإيمان العميق بأن الثقافة ليست ترفًا، بل استثمار فى المستقبل.
من ملعب الكرة إلى صفحات الكتب، ومن المطبعة إلى الإنتاج التلفزيونى والسينمائى، يرى المعلم أن كل مجال يواجه التحدى نفسه: البقاء عبر التطوير. يضرب المثل بالنادى الأهلى، الوحيد – كما يقول – الذى يفكر بعقل اقتصادى، يستغل شعبيته واسمه التجارى لبناء شركات وعوائد جديدة. لكنه فى المقابل يتوقف عند سؤال الملكية باعتباره جذر المشكلات التى يواجهها النادى.
الصراع لم يكن إداريًا فقط، بل ثقافيًا وفكريًا فى جوهره، كما يوضح المعلم: «كان فى وقتها ناشرون عرب عندهم بعد فكرى ووعى قومى ومشروع ثقافى حقيقى، لكن فى المقابل كان هناك موظفون حكوميون يرون النشر خطرًا عليهم. عايزين يحتكروا الطباعة والنشر باعتبارهم الأدرى بمصلحة المواطن. وكانت هناك حملة منظمة ضد الناشرين المستقلين، بيتهمونا إننا رأسماليين وبنستغل الثقافة. فكان لازم ندافع عن فكرة الناشر المثقف الوطنى، اللى بيشتغل بإيمان واحترام للمهنة، وكانت معركة وجود. واللى انتصر فيها مش الأشخاص، لكن فكرة النشر الحر نفسها. وده اللى مكّن مصر والعالم العربى من أن ينهضوا تانى».
وفى سؤال حول تدخل الحكومات فى حركة النشر والطباعة، قال المعلم إن المشكلة ليست فى الحكومات ذاتها بقدر ما هى فى عقلية بعض الموظفين الذين يرون أنفسهم أوصياء على الثقافة، موضحًا: «الموظف شايف إن هو اللى عارف مصلحة البلد، وهو اللى يحدد إيه اللى يُطبع وإيه اللى يُمنع، كأنه وحده اللى عارف المواطن محتاج يقرأ إيه! وده نوع من السيطرة لازم يكون فى إيده، فيصرّ على إن الطباعة والنشر تفضل عنده».
وأشار إلى أن بعض الوزارات لا تزال نشطة فى مجال الطباعة، خاصة فى الكتب المدرسية، لكنه يرى أن هذا النشاط يجب أن يكون بروح المنافسة لا الاحتكار، قائلاً: «أنا فى آخر اجتماع لاتحاد الناشرين الدولى، شفت إن أهم نشاطات الناشرين فى العالم هو الكتاب المدرسى. الوزارات بتحدد القيم والمناهج، ودور النشر هى اللى بتتنافس على التنفيذ. وده سر تميز الدول المتقدمة فى التعليم زى فنلندا، وكوريا، وسنغافورة، واليابان».
وعند المقارنة بين دورة إصدار الكتاب المدرسى فى تلك الدول وبين مصر، أوضح المعلم: «هناك دور النشر بتحشد طاقات البلد كلها: مؤلفين، خبراء تربية، رسامين، ومحررين، علشان يطلع كتاب علمى جذاب للطفل، لكل المراحل التعليمية. الدولة بتحط الإطار العام، ودور النشر تتنافس داخله، لكن عندنا التفكير مختلف. الوزارات بتشوف إن مسئولية الكتاب المدرسى تخصها بالكامل، وإن دور النشر بس تنفذ الطباعة».

– بدايات تأسيس دار الشروق
وتناول المعلم بدايات دار الشروق، موضحًا أن الانطلاقة لم تكن بعدد كبير من العناوين، إذ قال: «كنا بنعمل فى السنة 20 أو 30 كتابًا، لأن الإبداع نفسه كان فى صعوبة فى الوقت نفسه»، وأضاف أن التطور جاء تدريجيًا حتى وصلنا فى إحدى السنوات إلى إصدار 600 عنوان، لكنه أقرّ أن ذلك الرقم كان فوق قدرة السوق على الاستيعاب، موضحًا: «هذا العدد أكبر على استيعاب المكتبات من الإصدارات خلال السنة».
وأشار إلى أن دار الشروق تصدر اليوم ما بين 200 إلى 350 عنوانًا سنويًا ما بين كتب جديدة وإعادة طباعة، فى حين أن دور النشر الأوروبية، على حد قوله، تصل إلى إصدار أكثر من 1000 إلى 2000 عنوان سنويًا بفضل العدد الكبير للمكتبات العامة والمدرسية هناك. وأكد المعلم أن المكتبات العامة هى حجر الأساس فى بناء صناعة نشر قوية واقتصاد ثقافى مستدام، قائلاً: «المكتبات هناك بتشترى الجديد والجيد وبتوفره مجانًا للقارئ، وده بيخلق قاعدة اقتصادية للنشر والتأليف».
وعن نموذج العمل التجارى (البزنس موديل) للنشر، أوضح المعلم أن السوق فى البدايات كانت تعتمد فقط على الكتاب الورقى، دون بدائل رقمية أو إلكترونية، وكانت وسائل الترويج محدودة فى الصحف والنقد والمراسلات. «ما كانش فيه سوشيال ميديا، وكان أهم وسيلة دعاية هى المقالات النقدية والجوابات بين الكتّاب والقراء».

– أرقام المبيعات والظواهر الثقافية
استعاد المعلم ذكريات من الستينيات والسبعينيات حين كانت بعض الكتب تحقق مبيعات ضخمة فى زمن قياسى، قائلاً: «أيام دار القلم، فى كتاب لعباس العقاد بعنوان الثقافة العربية أسبق من الثقافتين اليونانية والعبرانية، صدر عن سلسلة المكتبة الثقافية، باع 40 ألف نسخة فى نص يوم سنة 1961.» مضيفًا: «ده رقم صعب جدًا يتحقق النهاردة».
وتابع: «وكتاب عودة الوعى لتوفيق الحكيم باع نحو نصف مليون نسخة خلال ستة أشهر فى السبعينيات»، موضحًا أن تلك المرحلة شهدت نجومية حقيقية لكتّاب مثل أنيس منصور ومصطفى محمود ويوسف إدريس، إذ كانت الطبعة الواحدة من كتبهم لا تقل عن عشرة آلاف نسخة وكثيرًا ما تنفد خلال أسبوع واحد أحيانًا.
وفى مقارنة بين زمنين، طرح الإعلامى حازم شريف سؤاله على إبراهيم المعلم قائلاً: «لو انتقلنا إلى 2025.. أجدع كتاب فى لغة السوق بيبيع كام نسخة؟».
قال المعلم: «فيه كتب فعّال بتبيع أرقام كبيرة، يعنى فيه كتب توصل لـ30 ألف نسخة، وأحيانًا أكتر من كده، لكن دى حالات قليلة، يمكن فى السنة كلها. النهارده فيه كتاب بيوصلوا لـ50 أو 60 ألف نسخة، زى أحمد خالد توفيق، وأحمد مراد، وعلاء الأسوانى، ويوسف زيدان، ومحمد طه، وريم بسيونى، وغيرهم. وفى الكتب السياسية كمان، زى كتاب هيكل أسرار المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل، اللى باع 60 ألف نسخة فى مصر فقط، وكان رقم ضخم وقته».
وتابع: «والقراءة لازم تفضل أوسع من كده. زى كتاب هيكل مثلًا، لمس حاجة فى وجدان الناس فقرأوه بشغف، لأنهم كانوا عايزين يفهموا».

– الكتاب الورقى والقرصنة الرقمية
فى سؤال حول مستقبل صناعة النشر وطرق تمويلها، قال المعلم: «حتى الآن، فى معظم العالم العربى، الكتاب الورقى يظل الشكل الأكثر انتشارًا بنسبة كبيرة، بينما يشكل الكتاب الإلكترونى نسبة ضئيلة قد لا تتجاوز %2. وللأسف، فيه حركة تزوير إلكترونى واسعة عبر ملفات PDF المصورة من الكتب، وهذه ليست نشرًا إلكترونيًا حقيقيًا».
وأوضح المعلم أن: «النشر الرقمى الحقيقى له مزايا تقنية واضحة منها إمكانية البحث داخل النص، دقة العرض، تكبير وتصغير الخط، وخصائص تفاعلية أخرى. أما الـPDF المصور فمجرد صورة لا تتيح هذه المزايا، وغالبًا ما يُستخدم فى التوزيع غير المحسوب؛ لا أحد يعرف كميته الحقيقية أو عدد مرات تنزيله أو مبيعاته، بل وقد تُجرى عليه تعديلات واختصارات أو حذف أو إضافة مما يشوّه النص الأصلى».
وأضاف: «لذلك، نحن وغيرنا نبحث عن وسائل حديثة تتجاوز مجرد رقمنة الصفحات: ليس فقط الكتاب الرقمى والتوزيع الإلكترونى أو أجهزة القراءة كـKindle، بل القراءة على الموبايل والكمبيوتر بواجهات ذكية وخدمات تتيح تفاعلًا حقيقيًا مع المحتوى».

– دار الشروق والذكاء الاصطناعى
وكشف المعلم أن دار الشروق تعمل حاليًا على مشروع جديد من خلال الذكاء الاصطناعى، يهدف إلى تطوير مفهوم الكتاب نفسه، من حيث الشكل والمحتوى وطريقة الإخراج والتوصيل والتفاعل مع القارئ: «عايزين نعمل حاجة حديثة جدًا، فى شكل ومحتوى وإخراج الكتاب وطريقة توصيله للقراء وتفاعلهم معه، مش هيكون مجرد نص يُقرأ، ده تجربة متكاملة. القارئ هيقدر يعيشها بلغات مختلفة، ويركز على المعلومة اللى تهمه ويستزيد منها، أو يسمع الكتاب بدل ما يقرأه، أو يجمع بين الاثنين».
وتابع: «التطوير الحقيقى مش بس فى الشكل أو الوسيط، ده كمان فى طريقة البيع والتفاعل. هل القارئ هيشترى كل كتاب لوحده؟ وهل ممكن يشترك شهرى أو سنوى ويقرأ أكتر؟ ولو اشترك، يبقى ليه حدود وعدد معين من العناوين؟».
وأكد: «المرحلة الجاية سوف نستفيد من كل وسائل الذكاء الاصطناعى لتحسين جودة المحتوى وعمقه، وجعل الكتاب أكثر تفاعلاً وحيوية مع القارئ، وذلك بالتعاون مع عدة شركاء».
وأوضح المعلم: «احنا فى الكتاب الورقى اتأخرنا عن العالم ما بين 400 و500 سنة».
وتابع: «عشان أعمل الكتاب الورقى محتاج تأليف ورسم وورق ومطابع وعّمال وحبر، وبعدها مخازن ونقل لمكتبات لها إيجارات وديكور وتكلفة مهولة جدًا عشان يوصل للقارئ. أما النشر الإلكترونى والذكاء الاصطناعى جزء كبير من ده هيوصله، وهيخلى الكتاب يوصل لك فى بيتك بدل ما تنزل وتشيل. فالمفروض ده الأسهل».
وحول تشجيع صناعة النشر، قال المعلم: «المطلوب دلوقتى التركيز على الصناعات الإبداعية. فاليونسكو والاتحاد الدولى للناشرين من زمان لها اعتبار هائل».
وأوضح المعلم: «حجم الصناعات الإبداعية فى العالم يتراوح بين 2.6 و6.5 تريليون دولار حسب التعريف ودخول وسائل الاتصال ضمنها، وحجمها هائل وتأثيرها على الإنسان بالغ الأهمية، لأن الإنسان هو أساس أى تنمية، وأى تنمية هدفها تنمية الإنسان نفسه. مثال بسيط: أهم دخل لمصر دلوقتى هو الدخل الذى بيعمله الإنسان المصرى من تحويالته، واللى بتوصل تزيد عن دخل قناة السويس والبترول. الصناعات الإبداعية تساعد فى بناء الإنسان وتنميته وإسعاده. الدراسات العالمية بتقول إن دى أكبر صناعة تنمو، والإنسان متقبلها وسعيد بها، وتأثيرها، مع الصحة، هو الأكبر على الإنسان وعلى المستقبل».
وأضاف: «مصر عندها ميزات نسبية هائلة. من زمان قدمت عدة مشاريع لإنشاء مجلس أعلى للصناعات الإبداعية، لكن ده محتاج تنظيم. فى دول زى بريطانيا وفرنسا واليابان وإيطاليا، وزير الثقافة هو نفسه وزير الصناعات الإبداعية والآثار والمتاحف والرياضة، لأن الرياضة جزء من الثقافة».
وتابع: «لازم نجمع أصحاب المصالح الحقيقيين فى مكان، يعملوا خطط لكيفية حماية الصناعات دى، وتنميتها، وازدهارها. ما يبقوش موظفين حكومة، لأن هدفهم مصالحهم الحقيقية، وحجمهم كبير جدًا فى العالم، وفى بعض الدول بيشتغل فى المجال ده 10–12% من الطاقة البشرية العاملة».
وأردف: «احنا دلوقت فى عصر التعليم التقليدى مش كفاية. لازم يكون فيه تعليم مستمر، وده هييجى من خلال الصناعات الإبداعية».

– سوق الكتاب الجديد
وأشار إلى بعد آخر: «تصدير الثقافة بمعناها الواسع – الكتاب، السينما، الفن، المسلسلات، الرياضة – ده بيساعد ويمهد لباقى الصادرات. اللى بيقرأ قصصك ويتفرج على أفلامك ويسمع موسيقاك بيقبل سياستك ويحب بلدك، وهيكون مستعد ياخد منتجاتك، صح؟ عندك اختيارين: إما تصدر ثقافة وتكون مركز إشعاع ونموذج وقوة ناعمة، أو تستورد وتكون مجرد مركز تلقى».
وحول اختبار السوق للكتاب الجديد، قال: «الطبعة الأولى مش لازم تكون كبيرة، العدد محدود. فى مصر والعالم العربى دلوقتى فيه تفجر مواهب فى كتابة الرواية، لكن عدد القراء أحيانًا كمان المناهج والمدارس ما بتهتمش بالأدباء القدامى أو الحاليين، فالجسر بين الكاتب والجمهور ضعيف».
وعن أمثلة عملية، أشار: «ممكن العكس يحصل. الدكتور أحمد زويل – رحمه الله – عمل كتاب، لكنه ما نجحش تسويقيًا. الطبعة الأولى ما باعتش كما يجب. قابلته، وناقشت معاه تحديث الكتاب وإضافة أجزاء، وبالفعل حدثناه ونقحناه، وبقى الكتاب أفضل. لجنة النشر كانت متخوفة، لأنهم قالوا: الناس ما بتقرأش فى العلم، لكن مع دراسة السوق والتجربة العملية، أصدرنا منه 30 طبعة».
وأضاف مثالًا آخر: «فى كتاب للدكتور بطرس غالى كان فيه تخوف شديد لأنه كتاب متخصص جدًا، ناس قالت مين هيقرأ عن السياسة الدولية، أو مين اللى هيتابع فى الموضوع ده، لكن بعد التقييم والتنقيح، تم نشره بشكل مناسب».

– كواليس لجنة القراءة
وحول كواليس لجنة القراءة ومفاجآت بعض المؤلفات ومسؤولية الناشر، قال المعلم: «ساعات بتحصل مفاجآت جميلة. أحيانًا نجاحه بيكبر. زى كتاب أوروبا تاريخ وجيز، ترجمه الدكتور محمود محيى الدين، قلنا هنعمل طبعة، وعملناها. الكتاب مهم، مكتوب فى المكتبة العربية، صدر منه 10 طبعات حتى الآن».
وأضاف: «دلوقتى فيه كتاب جديد، أربع أساتذة كبار فى التاريخ بيشتغلوا عليه من سنتين، وأملى كبير إنه ينجح نجاحًا باهرًا ومبهرًا، وده كله بدون تكليف، مجرد شغف وإصرار».
وأشار إلى بعض المفاجآت التى واجهها فى مسيرته: «ابتدينا مع أنيس منصور، الذى لم يكن لديه كتب من قبل. وكنت موجودًا فى مصر وأبى فى لبنان، ذهبت له وكان نجماً يقوم بتحقيقات ويسافر ويكتب بشكل مقروء وجاذب فى الصحف والمجلات، لكنه قال لى إنه لا يعرف عن ماذا يكتب. قدمت له عقدًا ومقدّمًا لتشجيعه، وهو قال لى: “إنت ذلتنى، أنا أخذت فلوس كتير وصرفتها، ومقدرش أرجعها”، وبعد أن بدأ الكتابة، انطلق بشكل مذهل».
وأضاف: «كتاب الدكتور مصطفى محمود القرآن: محاولة لفهم عصرى واجه هجومًا عند صدوره، لكنه حقق نجاحًا هائلًا ومبهرًا، وكان الدكتور مصطفى محمود فى ذلك الوقت تقريبًا بالكتب السابقة. حتى علاء الأسوانى، مع روايته عمارة يعقوبيان، لم يكن ظاهرة من البداية، لكنه نجح نجاحًا كبيرًا، وأدى إلى متابعة القراء للروايات الأخرى وارتفاع حركة القراءة بشكل ملحوظ».
وتابع: «هناك أيضًا أحمد مراد الذى أصبح ظاهرة، ويوسف زيدان مع روايته عزازيل، الذى كان قبلها مهتمًا بالتحقيق، وحتى عزازيل كان فيه خلاف مع لجنة النشر، لكن الرواية نجحت نجاحًا باهرًا، وأصبحت إعادة طباعتها سهلة، وحصلت على جائزة البوكر. كذلك، نورا ناجى تحظى باهتمام واسع، والدكتورة رضوى عاشور مكانتها عالية ومحترمة، دائمًا عليها إقبال فى العالم العربى كله».
وفى سؤال جديد قال الإعلامى حازم شريف: «متى فكرت إنك تتحول وتبقى رجل أعمال؟ أقصد إنك مش بس بتستثمر فى نشاطك الأساسى؛ دور النشر، لكن كمان عندك أنشطة استثمارية أخرى زى التغليف وغيرها. متى بدأ عندك مفهوم رجل الأعمال أو فكرة التنوع دى؟».
قال إبراهيم المعلم: «أنا ما أظنش إن عندى كونسبت رجل الأعمال، وبالمناسبة أنا مش سعيد باستخدام الصحافة لكلمة رجل الأعمال. فى ناس بقى يعملوها تريقة ويكتبوها بالعربى “بيزنس” ويكتبوها كده بالياء ومش عارف إيه، ويخلطوا بين رجل الصناعة، والثقافة، والزراعة، والاقتصاد، وسمسار بياخد عمولة على بيع حاجة، وهو راجل أعمال! وراجل أعمال ماشى بشنطة سامسونايت أو الصور اللى كانت بتطلع زمان فى الصحافة، واحد كده البس نظارة سودا وفى بقّه سيجار كبير وبكرش. مش كده وإيه؟ فانا ما أعرفش راجل أعمال إيه؟».
وأضاف المعلم موضحًا مسار التطور المهنى لمجموعته: «إحنا بصفة عامة ابتدينا فى النشر، ووصلنا لمستوى متميز فى شكل الكتاب وإخراجه، وبقينا مدركين المستوى العالمى فى الطباعة، فقلنا عايزين نعمل مطابع عشان نكمل، ونوصل للمستوى. فالطباعة مهنة، وأنا مهندس وأبويا خريج علوم، فعملنا مهنة الطباعة كما يجب أن تكون. فبقى فى مطابع فى بيروت، وبعدين فى القاهرة، وتطورت المطابع».
.jpeg)
– الطباعة صناعة هائلة
وتابع: «الطباعة صناعة هائلة، فيها طباعة كتب ومجلات، لكن كمان فيها طباعة علب الأدوية، والأكل، والتلفزيونات. فأصبحت الصناعة كبيرة، وpackaging مش طباعة بس، طباعة وتغليف، فبنستكمل. وبقيت عايز الورق المناسب للاستخدام فى الباكچينج، فعملنا مصنع علشان يعمل الورق. فهى كلها استكمال حلقات مرتبطة ببعض، وأظن إن إحنا تفوقنا».
وتابع: «إحنا حتى فى النشر، ما وقفناش عند إصدار الكتب. عملنا دار نشر وسلسلة مكتبات، وشركة للإنتاج التلفزيونى، التى عملت برامج وثائقية، وقدمت دراما مأخوذة من كتبنا زى عايزة أتجوز وأفراح القبة، وكمان مسلسلات زى سبعة تسعة، وأفلام زى الفيل الأزرق».
وفى محاولة لتبسيط هيكل المجموعة، قال الإعلامى حازم شريف: «إذا أردنا نفلتر المسائل.. الوطنية للطباعة تحتها كام شركة؟».
فأجابه المعلم موضحًا: «أربع شركات: الأولى مطابع الشروق، ثم شركة ويندسور لمواد الطباعة، والثالثة شركة البّدار، وهى متخصصة فى التغليف والتعبئة. أما الرابعة فهي الوطنية، التى تنتج الورق فى مدينة السادات».
وانتقل الحديث إلى الخطط المستقبلية للشركة، فقال المعلم: «التوسع ليس فقط فى مجال الكتب، لأن الكتاب المدرسى سيظل موجودًا بل سيزيد. لا ننسى أننا جزء من العالم، والعالم نفسه كان قد فرح بفكرة التابلت فى التعليم، لكنه عاد وألغاه بعد أن أثبتت التجربة أنه مضر وليس مفيدًا، لأنه يضعف العلاقة أحيانًا بين التلاميذ وبعضهم وبينهم وبين المدرس، ويصرف انتباه الأطفال نحو الجهاز نفسه بدل من المحتوى».
واستطرد المعلم متسائلًا: «اسأل نفسك: علب الأدوية، علب الأكل، الكراتين، أكياس التغليف… هل هتزيد ولا هتقل؟ كلها بتزيد. أحد مقاييس الحضارة هو استهلاك الإنسان من الورق، ونسبتنا فى مصر ما زالت قليلة جدًا، حوالى الربع مقارنة بالدول الأخرى».