دعت جامعة الدول العربية جميع دول العالم المحبة للسلام والعدل إلى تقديم ما تستطيع لدعم وكالة الاونروا وتمكينها من مواصلة دورها في هذه الظروف المصيرية التي يمر بها الشعب الفلسطيني، كما طالبت الجامعة بتشكيل لجنة تحقيق دولية من قبل الأمم المتحدة لمحاسبة المسؤولين عن قتل 380 من موظفي الأونروا وتقديمهم لآليات العدالة الدولية الناجزة.

جاء ذلك في كلمة السفير فائد مصطفى الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة أمام الجلسة الافتتاحية للدورة الـ١١٤ لمؤتمر المشرفين على الفلسطينيين بالدول العربية المضيفة الذي انطلق اليوم بمقر الامانة العامة للجامعة العربية.

وقال السفير فائد مصطفى إنه لاشك أن القضية الفلسطينيية وعلى مدار العامين الماضيين تمر بواحدة من أخطر مراحلها فقد سعت دولة الاحتلال الإسرائيلي وما تزال لتهجير الشعب الفلسطيني وتنفيذ ما يسمى بـ”خطة الحسم” لإنهاء القضية الفلسطينية وتدمير أي فرصة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

إبادة جماعية
 

وأشار إلى أن إسرائيل شنت حرب إبادة جماعية على قطاع غزة هدفت من خلالها لتدمير كافة مقومات الحياة بالقطاع وجعله منطقة غير قابلة للحياة للضغط على أبناء الشعب الفلسطيني بالقطاع من أجل تهجيرهم إلا أن الصمود الأسطوري لأبناء قطاع غزة أفشل كافة المخططات الإسرائيلية.

وقال لقد جاء اتفاق وقف إطلاق النار، ثم مؤتمر شرم الشيخ وما تلاه من صدور قرار مجلس الأمن 2803 لتمثل بداية لمرحلة مهمة تقتضي عملا على كافة الأصعدة من أجل ترجمة عناصر القرار إلى واقع ينعكس على حياة الشعب الفلسطيني، ويؤدى إلى انسحاب إسرائيلي كامل، ويفتح المجال أمام إدخال المساعدات دون أي عوائق، والشروع في عملية إعادة الإعمار، وصولا إلى مسار يفضي إلى تجسيد حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

ماذا يحدث في الضفة الغربية؟
 

وأوضح أن الوضع في الضفة الغربية لايزال بالغ الخطورة في ظل مواصلة حكومة الاحتلال الإسرائيلي لمخططاتها لفرض الأمر الواقع على الأرض، وذلك مع استمرار عصابات المستوطنين المسلحة وبدعم مباشر من جيش الاحتلال في ممارسة الإرهاب والاعتداءات المتواصلة في إطار سياسة الاحتلال الرسمية الممنهجة في حرق واقتلاع وتدمير الممتلكات، وفرض العزل والاغلاقات، إلى جانب تنفيذ الاعدامات الميدانية والتهويد وممارسة التمييز العنصري والتطهير العرقي والتهجير القسري، والتمدد الاستعماري. لتنفيذ المخططات بشأن ضم الضفة الغربية وتصفية القضية الفلسطينية.

وقال إنه في هذا الإطار فإننا ننظر بإيجابية إلى بيان مجموعة E4 والتي تضم كلا من (فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، المملكة المتحدة ) الصادر في 27/11/2025 الذي يطالب الحكومة الإسرائيلية بوقف اعتداءات المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين فورا، وتحمل مسؤولياتها كقوة إحتلال ومحاسبة المسؤولين عن العنف وضمان الحماية للسكان المدنيين، والترحيب بالمعارضة الواضحة من جانب الرئيس ترامب لضم الأراضي، والتأكيد مجددا على رفض دول E4 لأي شكل من أشكال الضم – سواء كان جزئيا أو كاملا أو بحكم الأمر الواقع – والمعارضة لسياسات الاستيطان التي تنتهك القانون الدولي، والمطالبة بإفراج حكومة إسرائيل عن العوائد الضريبية الخاصة بالسلطة الوطنية الفلسطينية، وأن تمدد نظام المراسلات المصرفية بين المصارف الإسرائيلية والفلسطينية، وأن تسمح بزيادة تحويلات الشيكل.

وشدد على أن هذه الخطوات ضرورية للمدنيين الفلسطينيين، ولتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من تقديم الخدمات العامة.

واعتبر إن هذا البيان هو خطوة مهمة في مجال الإدانة الدولية المتصاعدة تجاه حكومة الاحتلال الإسرائيلي والتي نأمل أن تتحول لخطوات عملية للضغط على إسرائيل لإلزامها بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

ورحب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية بالقرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 3 ديسبمبر 2025 والذي يدعو لانسحاب إسرائيل الكامل من الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، وإعمال حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وفي الدرجة الأولى حقه في تقرير المصير وحقه في إقامة دولته المستقلة، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرارها 194 المؤرخ 11 ديسمبر 1948.

وشدد على أن الأونروا تظل هي عنوان الالتزام الدولي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين ولحين التوصل لحل عادل لقضيتهم على أساس قرارات الشرعية وفي مقدمتها القرار 194، وعلى مدار السنوات الماضية تعرضت الأونروا لحملات ممنهجة لإنهاء عملها وتصفيتها.

كيف استهدف الاحتلال وكالة الأونروا؟
 

واشار إلى أن تلك الحملة قد بلغت ذروتها بإصدار الكنيست الإسرائيلي قرار بحظر الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة والذي بدأ تطبيقه منذ يناير الماضي والذي يهدف لإنهاء وجود الأونروا ومدارسها ومقراتها بالقدس وكان آخر تشريعات الاستهداف ما أقره كنيست الاحتلال الإسرائيلي بالقراءة الأولى لمشروع قرار لقطع المياه والكهرباء عن منشآت الأونروا، هذا بالإضافة لما تواجهه الأونروا في قطاع غزة من استهداف متعمد لمقراتها وخدماتها لمنعها من قيامها بتفويضها الأممي والذي أسفر عن استشهاد 380 من موظفي الأونروا.

وقال ان الأونروا تعاني من أزمة مالية جادة حيث بلغ العجز المالي مع نهاية هذا العام 200 مليون دولار وهو يؤثر بشكل غير مسبوق على تقديم الخدمات في كافة مناطق عمليات الأونروا الخمس، وجدد التأكيد على الدعم للأونروا وجهودها لتوفير التمويل اللازم للاستمرار في القيام بمهامها، داعيا جميع دول العالم المحبة للسلام والعدل إلى تقديم ما تستطيع لدعم الاونروا وتمكينها من مواصلة دورها في هذه الظروف المصيرية والانحياز للجوانب الإيجابية بشأن التقييم الاستراتيجي للأونروا ودورها الهام والحيوي وحياديتها وفاعليتها والحفاظ على بقائها واستمراريتها بكافة المهام الموكلة لها وفق تفويض تأسيسها.

وقال ننطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية من قبل الأمم المتحدة لمحاسبة المسؤولين عن قتل 380 من موظفي الأونروا وتقديمهم لأليات العدلة الدولية الناجزة.

وفي هذا الصدد، رحب بشدة بالقرارات الخمس التي صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم أول أمس الجمعة بخصوص دولة فلسطين بما فيها القرار الخاص بتجديد ولاية وكالة الأونروا لثلاث سنوات قادمة، شاكرين لكل دول العالم على هذا التأييد الكبير والتعاطف المتزايد للمجتمع الدولي وخاصة في موضوع اللاجئين الفلسطينيين، والذي يأتي في خضم استمرار العدوان الهمجي الذي يشن على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية.

كما رحب بالبيان الصادر عن وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية يوم أول أمس الجمعة والذي عبروا فيه عن قلقهم البالغ إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح باتجاه واحد بما يهدف فعليا إلى تهجير الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

واكد أن المحاولات الإسرائيلية لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه سواء عبر الضغوط العسكرية أو الإجراءات الأحادية غير القانونية أو عبر الاستمرار المتعمد في خلق وتكريس ظروف إنسانية طاردة، تُعد استمرارا لسياسات الاحتلال الرامية إلى تقويض فرص السلام والوجود الفلسطيني على أرضه الوطنية، وستواجه بموقف عربي وإسلامي ودولي متماسك يرفض المساس بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.

 

زيارة مصدر الخبر