بعد أسابيع من التوتر بين أوكرانيا والولايات المتحدة، بدأت مع عودة دونالد ترامب إلى البيت، تم توقيع اتفاق المعادن بين البلدين، فيما سيكون له تأثير كبير على الحرب روسيا وجارتها ومساعى واشنطن لإحلال السلام بينهما.
وقال وزير الخزانة الأمريكى سكوت بيسنت: كما قال الرئيس، فإن الولايات المتحدة ملتزمة بالمساعدة فى إنهاء هذه الحرب القاسية والعبثية، مضيفاً أن هذا الاتفاق يشير بوضوح إلى روسيا بأن إدارة ترامب ملتزمة بعملية سلام تتمحور حول أوكرانيا حرة وذات سيادة ومزدهرة على المدى الطويل.”
وأضاف بيسنت فى بيان أن الاتفاق سيُنشئ “صندوق استثمار إعادة الإعمار الأمريكى الأوكرانى”، والذى سيسمح “للبلدين بالعمل بشكل تعاونى والاستثمار معًا لضمان أن تُسهم أصولنا ومواهبنا وقدراتنا المشتركة فى تسريع الانتعاش الاقتصادى لأوكرانيا.”
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن النسخة الأحدث من اتفاق المعادن الذى تم توقيعه بين الولاات المتحدة وأوكرانيا، لم تقدم إلى ضمانات أمنية محددة لأوكرانيا، إلا أنها ذكرت أن كييف وواشنطن تتفقان على تأكيد التحالف الاستراتيجى طويل المدى بن البلدين، والدعم الأمريكى لأمن ورخاء أوكرانيا وإعادة إعمارها وإدماجها فى الأطر الاقتصادية العالمية.
وذكرت الصحيفة أن هذه اللغة وحدها تمثل انتصاراً لأوكرانيا التى كانت تسعى من أجل إبداء أى دعم من الولايات المتحدة لها فى ظل توتر العلاقات بين البلدين بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض. وأشارت واشنطن بوست إلى أن أوكرانيا ستسعى إلى مزيد من الضمانات الأمنية الملموسة فى أى اتفاق سلام مستقبلى.
ولم يأت الاتفاق على ذكر محطة زابورججيا للطاقة النووية، والتى تعد الأكبر من نوعها فى أوروبا، وسيطرت عليها روسيا فى منذ بداية عام 2022. وسبق أن اقترح مسئولون أمريكيون السيطرة على المحطة كجزء من أى اتفاق مستقبلى لإنهاء الحرب.
وكانت أوكرانيا قد سوقت فى البداية لثروتها المعدنية الهائلة المحتملة كفرصة استثمارية محتملة فى إطار “خطة النصر” التى طرحها الرئيس فولوديمير زيلينسكى فى سبتمبر. لكن نسخة أولية من هذه الصفقة، قدّمها بيسنت إلى زيلينسكى فى فبراير الماضى، لم تُقدّم الكثير لأوكرانيا، ووصفت الاتفاق بأنه وسيلة لواشنطن لاسترداد تكلفة مساعداتها العسكرية لأوكرانيا.
ورفض زيلينسكى التوقيع على الوثيقة، مُصرّاً على أنه لن يوافق على أى صفقة تُعيد تصنيف المساعدات كديون. كما انتقد غياب صياغة هذه النسخة فيما يتعلق بأمن أوكرانيا المستقبلى.
أبرز ما جاء فى اتفاق المعادن
يغطى الاتفاق، المعادن بما فى ذلك العناصر الأرضية النادرة، بالإضافة إلى موارد قيمة أخرى، بما فى ذلك النفط والغاز الطبيعي، وفقًا للنص الصادر عن الحكومة الأوكرانية.
ولا تشمل الاتفاقية الموارد التى تُعد بالفعل مصدر دخل للدولة الأوكرانية. بمعنى آخر، تعتمد أى أرباح بموجب الاتفاقية على نجاح الاستثمارات الجديدة. كما أشار المسئولون الأوكرانيون إلى أنها لا تُشير إلى أى التزامات ديون على كييف، مما يعنى أن أرباح الصندوق لن تُستخدم على الأرجح لسداد مستحقات الولايات المتحدة عن دعمها السابق.
وأكد المسئولون أيضًا أن الاتفاقية تضمن بقاء الملكية الكاملة للموارد لأوكرانيا، وأن الدولة ستحدد ما يمكن استخراجه ومكانه.
وتضمن نص الاتفاقية 55 معدنًا، ولكنه ينص على إمكانية الاتفاق على المزيد.
وقد أعرب ترامب مرارًا وتكرارًا عن اهتمامه بالعناصر الأرضية النادرة فى أوكرانيا، وبعضها مُدرج فى القائمة، بالإضافة إلى معادن أساسية أخرى، مثل التيتانيوم والليثيوم واليورانيوم.
ما هى العناصر الأرضية النادرة؟
هى مجموعة من 17 عنصرًا أساسيًا فى العديد من أنواع التكنولوجيا الاستهلاكية، بما فى ذلك الهواتف المحمولة، والأقراص الصلبة، والمركبات الكهربائية والهجينة، وفقا لوكالة أسوشيتدبرس.
وتُعد الصين أكبر مُنتج للعناصر الأرضية النادرة فى العالم، وقد سعت كل من الولايات المتحدة وأوروبا إلى تقليل اعتمادهما على بكين، الخصم الجيوسياسى الرئيسى لترامب.
وتشمل هذه العناصر عناصر مثل اللانثانوم والسيريوم والسكانديوم، وهى مدرجة فى الاتفاقية.
كيف سيعمل الصندوق؟
ينص الاتفاق، وفقا لأسوشيتدبرس، على إنشاء صندوق استثمارى لإعادة الإعمار، وسيكون لكل من الولايات المتحدة وأوكرانيا رأى متساوى فى إدارته.
وسيدعم الصندوق حكومة الولايات المتحدة من خلال وكالة تمويل التنمية الدولية الأمريكية، التى تأمل أوكرانيا أن تجذب الاستثمارات والتكنولوجيا من الدول الأمريكية والأوروبية.
من المتوقع أن تُساهم أوكرانيا بنسبة 50% من جميع الأرباح المُستقبلية من الموارد الطبيعية المملوكة للحكومة فى الصندوق. وستساهم الولايات المتحدة أيضًا بأموال ومعدات مباشرة، بما فى ذلك أنظمة دفاع جوى تشتد الحاجة إليها ومساعدات عسكرية أخرى.
سيتم إعادة استثمار المساهمات فى الصندوق فى مشاريع متعلقة بالتعدين والنفط والغاز، بالإضافة إلى البنية التحتية.