10 سنوات مرت على انطلاق برنامج المساعدات النقدية المشروط “تكافل وكرامة”، غلفتها تحديات كثيرة وأزمات عالمية ألقت بظلالها على الأوضاع الاقتصادية للدول، إلا أن الدولة أبت إلا أن تختار جانب أبناءها رقيقي الحال.وبينما تتوالي أخبار ترشيد النفقات وتخفيض حزم الحماية الاجتماعية من دول كبرى، كانت القيادة السياسية تعلن زيادة قيمة الدعم النقدي للمواطنين الأولى بالرعاية وزيادة مخصصات الحماية الاجتماعية، إلى جانب إطلاق العديد من المبادرات التنموية لتيسير تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين كمبادرة 100 مليون صحة.وإيذانًا ببدء عقد جديد في عمر البرنامج، تعمل وزيرة التضامن الاجتماعي مايا مرسي بشكل علمي على إعادة تموضع ملف التمكين الاقتصادي للأسر الأولى بالرعاية على قائمة أولويات الوزارة، وتحشد أدواته وتنويعها لتناسب الاتجاهات المختلفة للأسر الأولى بالرعاية، مؤكدة أن التحول من العوز إلى الإنتاج، من البطالة إلى العمل، من الوظيفة إلى ريادة الإعمال، هو جوهر التمكين الاقتصادي للأسر الأولى بالرعاية الذي تنشده الدولة المصرية.وتستهدف وزارة التضامن في المرحلة الحالية التوسع في جهود التمكين الاقتصادي من خلال صندوق دعم الصناعات الريفية والإنعاش الريفي، الذي أُعيد تشكيل مجلس إدارته في أكتوبر 2024، ويُعد الذراع التمويلي للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، مع التركيز على القطاعات الزراعية والحيوانية والتصنيع الريفي.وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة مايا مرسي، إنه خلال هذا العقد استفادت 7.7 مليون أسرة من تكافل وكرامة، مشيرة إلى أنه في الوقت نفسه تم تخارج وخروج 3 ملايين أسرة، ويستفيد منه حاليا 4.7 مليون أسرة. وأشارت إلى زيادة موازنة برنامج الدعم النقدي «تكافل وكرامة» لتصل إلى 54 مليار جنيه، حيث بدأت 4.7 مليون أسرة خلال شهر أبريل الماضي صرف الدعم النقدي بالزيادة المقدرة بـ25% بشكل دائم، مشددة على أن البرنامج يحقق جانبا مهما من دعم الدولة للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ويقدم مساعدات نقدية مشروطة للأسر الأولى بالرعاية متمثلة في مساعدات نقدية للأفراد والأسر الأولى بالرعاية مع توجيه قدراتهم لصالح التنمية المستدامة في مصر.
الفئات المستفيدة من تكافل وكرامة
أوضحت وزيرة التضامن أن الفئات المستفيدة من البرنامج تشمل الأسر والأفراد تحت خط الفقر، الأرامل والمطلقات والمهجورات بأطفال أو بدون أطفال، الأطفال في المراحل العمرية من حديثي الولادة إلى التعليم الجامعي، المسنين من 65 سنة فأكثر في الأسر أو المؤسسات، ذوي الإعاقة، أيتام الأسر البديلة والمؤسسات، الفتيات اللاتي بلغن 50 سنة بدون زواج أو عمل، فئات العمالة غير المنتظمة، المتعرضون للحوادث والكوارث الفردية أو الجماعية، الأسر الواقعة فوق خط الفقر مباشرة.
شروط استحقاق الدعم
وأوضح رأفت شفيق، مساعد وزيرة التضامن الاجتماعي للحماية الاجتماعية، أن الوزارة أولت اهتماما كبيرا بملف تطوير آليات الاستهداف لضمان وصول المساعدات النقدية إلى مستحقيها، وذلك عبر منهجيات متعددة شملت الاستهداف الجغرافي بناءً على خرائط الفقر القومية، والاستهداف الأسري للأسر تحت خط الفقر، والاستهداف النوعي الذي يوجه الدعم إلى النساء داخل الأسرة. ولفت إلى أن البرنامج يتعامل بمنهجية موحدة لتحديد اشتراطات الانضمام الي أي من البرنامجين “تكافل” و”كرامة”، ويشترط البرنامج من اليوم الأول لتنفيذه من أجل استحقاق الأسر أو الأفراد المتقدمين للحصول علي الدعم النقدي لبرنامج “تكافل” أن تكون الأسرة لديها أبناء في المرحلة العمرية من حديثي الولادة الي سن التعليم الجامعي بشرط أن يكون الأبناء الأكبر من 6 سنوات مقيدين بالتعليم. ويشترط في الأفراد المتقدمين لبرنامج “كرامة” أن يكونوا كبار السن من سن 65 سنة فأكثر، أو أن يكونوا من الأيتام علي النحو الذي يعرفه القانون أو يكونوا من ذوي الإعاقة علي النحو الذي يتم إثباته بواقع نتيجة فحص لجان القومسيون الطبي المختصة، أو أن تكون من الفتيات اللاتي بلغن 50 سنة بدون زواج أو عمل أو أن تكون من الأرامل أو المطلقات أو المهجورات اللاتي لم ينجبن. وراعي البرنامج أيضًا التحقق من وقوع الحالة الاجتماعية للأسرة تحت خط الفقر بعد استيفاء عدد من إجراءات المعاينة المنزلية لخصائص رب الأسرة وأفراد الأسرة ومواصفات المسكن والأجهزة المنزلية المتوفرة لدي الأسرة والتحقق من صحة البيانات بالربط مع جهات الدولة المعنية، والتأكد من عدم امتلاك أراضي بناء أو زراعية أو عقارات أو مشروعات أو مواشي للتجارة أو أي مركبات (سيارات أو جرارات أو غيره) أو أن يكون لديه تأمين أو معاش أو وجود أبناء في التعليم الخاص بمصروفات عالية أو سفر الزوج خارج البلاد. واشترط البرنامج من أجل الاستمرار في صرف الدعم النقدي أن تلتزم الأسر بالمشروطية الصحية بمواظبة الأم وابناءها تحت 6 سنوات بالذهاب لوحدات الرعاية الصحية الأولية التابع لها محل سكنها لإجراء فحوصات الحمل وتطعيم ومتابعة نمو الأطفال وحضور جلسات التثقيف الصحي لمرة واحدة علي الأقل كل ثلاثة أشهر، ويشترط البرنامج أيضًا مواظبة الأبناء فوق 6 سنوات علي حضور أيام الدراسة بحد أدني 80% من أيام الدراسة. ويتابع البرنامج بشكل دوري أنشطة توعية المواطنين بشروط الالتحاق بالبرنامج والاستمرار في تلقي الدعم والتفاعل الدائم في ذات الوقت مع كل ما يرد من المواطنين من استفسارات وشكاوى علي قنوات التلقي والرد المختصة.
مصادر تمويل البرنامج
وذكر مساعد وزيرة التضامن الاجتماعي للحماية الاجتماعية، أن البرنامج تم بناءه من اليوم الأول لتنفيذه في يناير 2015 على المخصصات المالية التي تتيحها الموازنة العامة للدولة، والتي تضاعفت على مدار السنين وصولا 54 مليار جنيه مقارنة بـ 5 مليار جنيه في عام 2014 (11 ضعف)، لتصل فيه متوسط قيمة المساعدة النقدية الموجهة للأسرة في الشهر الواحد إلى 900 جنيه مقارنة بـ 450 جنيها في بداية البرنامج، وتصل قيمة المساعدة في بعض الأحيان إلى 3000 جنيه للأسرة الواحدة ولا سيما حال تلقي الأسرة الواحدة المستفيدة من برنامج تكافل لأكثر من شريحة دعم لأكثر من طفل إلي جانب حالات كرامة بذات الأسرة، بينما لا تقل قيمة الدعم عن 700 جنيه في حالة المستفيد الواحد من برنامج كرامة.وفي الوقت الذي يتركز فيه القدر الأكبر من صرف الدعم النقدي الذي تتلقاه الأسر في سداد احتياجاتها الأساسية الاستهلاكية من المأكل والمشرب، إلي جانب غيرها من الاحتياجات التي تراها الأسر لازمة، تستفيد ذات الأسر بحزمة متكاملة من الخدمات المجانية التي يأتي علي رأسها الدعم التمويني من السلع والخبز، والإعفاء من مصروفات التعليم ومساعدات تكافوء الفرص التعليمية في مرحلة التعليم الجامعي، إلي جانب خدمات التأمين الصحي الشامل وبرامج الرعاية الصحية لغير القادرين والعلاج علي نفقة الدولة وخدمات برنامج بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة، وشهادات محو الأمية، والاولوية في تلقي خدمات المبادرات الرئاسية وعلي راسها “حياة كريمة” لخدمات تطوير البنية الأساسية ومبادرة 100 مليون صحة وبداية جديدة وغيرها من إلي جانب العديد من أنشطة التوعية وبناء القدرات.
جهود التمكين الاقتصادي
وتولي وزارة التضامن الاجتماعي أهمية كبيرة لملف التمكين الاقتصادي للأسر الأولى بالرعاية، حيث تكثف خدماتها سواء بشكل مباشر من خلال برامجها، أو بشكل غير مباشر عبر جمعيات المجتمع المدني الشريكة، وحقق أكثر من 1.2 مليون شخص حتى الآن استفادة من هذه البرامج، سواء من خلال كيانات تابعة للوزارة تشمل برامج الديوان العام، المؤسسة القومية لتنمية الأسرة والمجتمع، المؤسسة العامة للتكافل، وبنك ناصر الاجتماعي.وتستهدف الوزارة في المرحلة الحالية التوسع في جهود التمكين الاقتصادي من خلال صندوق دعم الصناعات الريفية والإنعاش الريفي، الذي أُعيد تشكيل مجلس إدارته في أكتوبر 2024، ويُعد الذراع التمويلي للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، مع التركيز على القطاعات الزراعية والحيوانية والتصنيع الريفي.ولا تقتصر خدمات الوزارة على الدعم المالي فقط، بل تشمل أيضًا تقديم خدمات غير مصرفية مثل التدريب المتخصص في ريادة الأعمال، وبناء القدرات الإدارية والمالية والفنية، بالإضافة إلى الإرشاد في إعداد دراسات الجدوى وتوفير فرص تسويقية للمستفيدين. وتهدف الوزارة إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: الأول هو تمكين الفئات المستفيدة اقتصاديًا للخروج من دائرة الفقر وتحقيق الاكتفاء الذاتي، والثاني هو تعظيم الاستفادة من الموارد والبيانات المتاحة لتوسيع قاعدة المستفيدين والوصول إلى الطبقات الأكثر احتياجًا، أما الهدف الثالث فيكمن في تكوين احتياطات مالية مستدامة لدعم برامج الحماية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي مستقبلًا.
تقييم البرنامج
وأعلنت الوزارة في مناسبات عديدة، أنها تحرص علي إجراء عدد من دراسات التقييم الدورية لتعزيز مبدأ التقييم الاجرائي لما يتم تنفيذه من استراتيجيات وتقييم النتائج بالبناء علي أدلة علمية مثبتة، ويأتي علي رأس هذه الدراسات تقييم أثر برنامج تكافل وكرامة علي حياة الأسر المستفيدة. وأفادت دراسات تقييم الأثر التي نفذها البنك الدولي بين عامي 2018 و2022 بالعديد من الأثآر الإيجابية التي حققها البرنامج والتي كان من أهمها رفع معدلات استهلاك الأسر ومساعدة الفقراء علي التعايش مع ارتفاع الأسعار، وكذلك تحسين نوعية الغذاء وتحسين مستوي تغذية الأطفال الصغار وزيادة الطلب علي خدمات الرعاية الصحية، وزاد علي ذلك زيادة استثمار نقود الاسر المستفيدة في مجموعة متنوعة من الأصول الإنتاجية المختلفة والمعدات الصغيرة التي تساعدهم علي العمل، وزادت أيضًا نسية التحاق الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 سنة بالمدارس الابتدائية بينما زادت نسبة الأطفال الملتحقين بالتعليم في المرحلة العمرية من 13 إلي 15 سنة بواقع 21 نقطة مئوية، وكان من أهم إنجازات البرنامج رفع معدلات تمكين الأم المصرية من التعبير عن رأيها واتخاذ القرار في المنزل بما يصب في مصلحتها ومصلحة زوجها وأطفالها.
تنظيم وتقنين الدعم النقدي
وترى وزارة التضامن الاجتماعي أن إصدار قانون الضمان الاجتماعي الجديد رقم 12 لعام 2025 من اكبر نقاط القوة لدي البرنامج حيث نظم عملية تخصيص الدعم النقدي المشروط “تكافل” وغير المشروط «كرامة»، وحدد الفئات المستحقة، وسمح بالجمع بين الدعمين في حالات معينة.كما وضع ضوابط حوكمة وإدارة عمليات الدعم، وأنشأ لجان التظلمات، ولجان الدعم، وحدد آليات إيقاف الدعم، وشمل القانون أيضًا تنظيم المساعدات الاستثنائية مثل مصاريف الجنازة، والزواج، والولادة، والعلاج في الحالات الطارئة، والمصروفات الدراسية، والأجهزة التعويضية، وهي مساعدات تُمنح للأسر غير المشمولة بالتأمين الصحي. وكان من أهم الإنجازات في القانون إنشاء صندوق «تكافل وكرامة» وهو صندوق مستقل تُستثنى موارده من أيلولة نسبة منها إلى الخزانة العامة، ما يضمن استدامة الدعم ووصوله للفئات المستحقة، ونص القانون على عقوبات صارمة بحق من يحصل على الدعم دون وجه حق ويرفض رده، بما يضمن حماية المال العام، والحفاظ على استحقاق الفئات الأكثر احتياجًا.