تمر، اليوم، ذكرى واحدة من أبرز المحطات في التاريخ المصري الحديث، حين وصلت القوات الإسرائيلية إلى مشارف قناة السويس في مثل هذا اليوم من عام 1956، وذلك في إطار العدوان الثلاثي على مصر الذي شنته إسرائيل وبريطانيا وفرنسا عقب إعلان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تأميم شركة قناة السويس.
ففي 29 أكتوبر 1956، بدأت إسرائيل تنفيذ هجومها العسكري على مصر عبر شبه جزيرة سيناء، ضمن خطة سرية جرى التنسيق بشأنها مع بريطانيا وفرنسا، هدفت إلى الإطاحة بعبد الناصر واستعادة السيطرة الغربية على الممر المائي الدولي الأهم في العالم، وتقدمت القوات الإسرائيلية بسرعة حتى بلغت مسافة عشرة أميال فقط من القناة.
وخلال الأيام التالية، وتحت ذريعة حماية القناة من القتال، قامت بريطانيا وفرنسا بإنزال قواتهما في بورسعيد والإسماعيلية والسويس، لتبدأ مرحلة مباشرة من العدوان العسكري على الأراضي المصرية.
إدانة هجوم السوفييت على المجر وراء وقوف أمريكا مع وقف إطلاق النار
إلا أن الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس دوايت أيزنهاور، رفضت الانخراط في هذا العمل العسكري وسعت إلى النأي بنفسها عن ما وصفته بـ”النزعة الاستعمارية الأوروبية”، خاصة بعد أن كانت قد أدانت بشدة التدخل السوفييتي في المجر في الأسبوع نفسه.
وضغطت واشنطن بقوة على لندن وباريس للقبول بـ وقف إطلاق النار الذي أقرته الأمم المتحدة في 6 نوفمبر 1956، كما صوتت لصالح قرارات أممية تدين العدوان وتقر إنشاء قوة حفظ سلام دولية للفصل بين القوات، هذا الموقف الأمريكي العلني أحدث توترًا في العلاقات بين الولايات المتحدة وكل من بريطانيا وفرنسا، وأسهم لاحقًا في استقالة رئيس الوزراء البريطاني أنطوني إيدن في يناير 1957.
وفي أعقاب الأزمة، بدأت واشنطن مراجعة سياستها في الشرق الأوسط، فطرحت ما عُرف بـ مبدأ أيزنهاور، الذي منحها صلاحيات أوسع لتقديم الدعم العسكري والاقتصادي للدول العربية في مواجهة النفوذ السوفييتي.
وبحلول مارس 1957، استعادت العلاقات الأمريكية البريطانية توازنها في عهد رئيس الوزراء الجديد هارولد ماكميلان، بينما خرجت مصر من العدوان منتصرة سياسيًا، بعدما أجبرت الأمم المتحدة القوى الغازية على الانسحاب الكامل من أراضيها، لترسخ بذلك سيادتها الوطنية على قناة السويس وتكتب صفحة جديدة في التاريخ العربي الحديث.