تظل القبائل المصرية، خاصة في المناطق الصحراوية، متمسكة بعاداتها وموروثاتها التي توارثتها عبر الأجيال، رغم ما يشهده العالم من تطور سريع، وفي قلب الصحراء الشرقية، وبالتحديد بين قبائل البجا بمنطقة حلايب وشلاتين، ما تزال رقصة الهوسيت وآلة الباسنكوب حاضرة بقوة كواحدة من أبرز المظاهر التراثية التي تعبر عن الفرح والبهجة.
رمز للفروسية والشجاعة يجسد تراث قبائل البشارية
بدابة تعرف رقصة الهوسيت بأنها “رقصة الانتصارات” في الماضي، حيث كان المحارب يرفع سيفه ودرعه احتفالًا بالنصر، ومع مرور الزمن تحولت إلى رقصة أساسية في المناسبات الاجتماعية، فلا يكتمل حفل زفاف في حلايب وشلاتين إلا وتبدأ وتنتهي مراسمه بالهوسيت، كما تُؤدى أيضًا في استقبال الضيوف والزوار كأرقى صور الترحيب.
أبو عبيدة الشناوى أحد أبناء قبيلة البشارية بمدينة الشلاتين، قال أن رقصة الهوسيت تشبه إلى حد كبير لعبة التحطيب في صعيد مصر، حيث تُمارس برفع السيف والدرع كرمز للفروسية والشجاعة، مضيفا أن هذه الرقصة تمثل مصدر فخر لقبائل البشارية، وتعد جزءًا لا يتجزأ من أفراحهم ومناسباتهم، بل وحتى في استقبال كبار الزوار والمسؤولين الذين يحضرون إلى المنطقة.
موروث شعبي خالد يوثق تاريخ القبائل
واوضح الشناوى إلى أن الرقصة تؤدى في شكل نصف دائرة يشارك فيها الشباب، بينما يتوسط اثنان منهم يحملان السيف والدرقة، على أن تصاحب الرقصة نغمات آلة “الباسنكوب” الوترية أو إيقاعات الطبول والتصفيق، ومن أبرز طقوسها أن من يضع السيف والدرع لا يجوز له التراجع عن الاستمرار فيها، بل يقفز عاليًا معلنًا عن نفسه ومستعدًا للمنافسة.
وتبقى رقصة الهوسيت أحد أهم الموروثات الشعبية التي تحافظ عليها قبائل البجا في حلايب وشلاتين، شاهدة على تاريخ طويل من الفروسية والانتصارات، ورمزًا متجددًا للفرح والترابط الاجتماعي.
أما عن آلة الباسنكوب الوترية رفيقة حياة البادية، حيث يحملها الراعي في المراعي ليعزف أنغامًا يجمع بها أغنامه المبعثرة، وكذلك الصياد ويملأ وقته بأغانٍ تراثية متوارثة، وهي كذلك صديقة أهالي الجنوب في رقصاتهم الشعبية المختلفة، إذ تُعتبر الأشهر والأكثر استخدامًا بين الآلات الموسيقية في حلايب وشلاتين، وقد صُنعت قديمًا من أخشاب الأشجار المتوفرة في البيئة الصحراوية.
آلة الباسنكوب.. رفيقة الفرح والترحال في حلايب وشلاتين
وتعد من الآلات الأساسية التى لا تغيب عن أي حفل زفاف أو مناسبة اجتماعية، حيث تشكل أساس أجواء الفرح في المنطقة، وترافق الرقصة دائمًا، وتعرف أنغامها باسم “أوقناوي، و أن الرعاة في رحلاتهم الطويلة بين الأودية الواسعة اعتادوا على حمل الباسنكوب، فيعزفون عليها لتمضية الوقت، بل إن بعض الأغنام اعتادت على أصواتها فتجتمع عند سماعها بعد أن تكون قد تفرقت بحثًا عن العشب.
من جانبه، أكد أدم سعد الله، أحد المقيمين بالشلاتين والمهتمين بتراثها، أن الباسنكوب تشبه آلة السمسمية، وهي أصل لعدد من الآلات المشابهة التي انتشرت لاحقًا بعد تحويرها، ما يجعلها الأساس في التراث الفني بمنطقة حلايب وشلاتين، إذ ارتبطت بالرقصات الشهيرة وعلى رأسها رقصة الهوسيت.
وأضاف سعد الله أن العزف على الباسنكوب يتم باليد اليمنى فقط، وأنها من الآلات القديمة التي لم تشهد تغييرات جوهرية سوى في شكلها الخارجي؛ إذ تحولت من مقوسة إلى مستطيلة، وتم تغليفها بالجلد حفاظًا على نقاء الصوت وأصالته.

احد العازفين علي الباسنكوب

الباسنكوب آلة تراثية بحلايب وشلاتين

موروث قبلى وشعبى قديم

تلعب برفع الدرع والسيف

الرقصة التراثية لأبناء الجنوب