بوابة الشروق, ثقافة 24 نوفمبر، 2025

في لقاءٍ ثقافي مفتوح نظمته مكتبة الجامعة البريطانية، الأحد، بحضور عدد كبير من الطلاب والمهتمين بالكتابة والسينما، استعرض الروائي والكاتب أحمد مراد كواليس فيلمه الجديد «الست»، كاشفًا عن ملامح العمل الذي يعيد قراءة سيرة كوكب الشرق أم كلثوم برؤية مختلفة وبطولة نسائية كاملة، في خطوة وصفها بأنها «مغامرة إنتاجية» تستعيد حضور المرأة في السينما المصرية. وخلال الحوار الذي أدارته الدكتورة غادة لبيب، مؤسسة جروب القراءة «بوك جاردن»، قدم مراد شهادات جديدة حول حياة كوكب الشرق، وكيفية بناء الفيلم ورهاناته الفنية.
وقال مراد إن فيلم «الست» يتناول سيرة شخصية شديدة التأثير في المجتمع، عاشت 77 عامًا وكانت أيقونة حقيقية. وأوضح أن حياة أم كلثوم من الغنى والتعدد بحيث لو قُدّم عنها عشرون مسلسلًا فلن تستوفي كل جوانبها، سواء الموسيقية أو النفسية أو مراحل طفولتها وكفاحها من أجل مصر، ومسيرتها الفنية وغيرها من التفاصيل الكثيرة التي لا تزال قابلة للكشف.
وأضاف أن الصورة التي يعرف بها الجمهور أم كلثوم لا تعكس بالضرورة كيف رأت هي نفسها الناس. فـ«الست»، برغم حضورها الطاغي، أحاطت حياتها بـ«قشرة سميكة» أشبه بقشرة بيضة النعامة، على حد وصفه، ما جعل طبقات شخصيتها الحقيقية غير مرئية. وأشار إلى أن حواراتها القليلة تكشف حرصًا شديدًا في الحديث، أقرب إلى حرص سياسي، وكأنها زوجة رئيس تجيب ضمن حدود مدروسة.
ولفت مراد إلى أن الصورة الذهنية عن ضخامة جسد أم كلثوم ليست دقيقة، مؤكدًا أنها كانت أقصر قامة مما يعتقده كثيرون، وكانت تستعين بالكعب العالي، وأن زوايا التصوير هي ما منحها ذلك الحضور البصري.
وأشار مراد إلى أن المخرج مروان حامد شاركه في المعالجة الدرامية للفيلم، إلى جانب المخرجة هنا محمود، وأن فريق العمل استعان بباحثين متخصصين لاكتشاف الجوانب الخفية في حياة أم كلثوم. وقال: «إحنا مش بندور على نقائص، إحنا بنحاول نفهمها ونرفع الحجاب اللي بينا وبينها علشان نشوفها كشخصية حقيقية، وده اللي الفيلم بيقدمه».
وتابع: يعرض الفيلم في منتصف ديسمبر، ويقوم ببطولته: منى زكي، كريم عبد العزيز، آسر ياسين، نيللي كريم، أحمد أمين، طه الدسوقي، ويشارك فيه أيضًا أحمد حلمي لأول مرة إلى جانب منى زكي. بالإضافة إلى المخرج مروان حامد، وهشام نزيه في الموسيقى، وأحمد حافظ في المونتاج، ومدير التصوير عبد السلام يوسف، بينما تتولى الإنتاج شركتا سينرجي وبيج تايم.
وأكد مراد أن الفيلم من أضخم الإنتاجات في تاريخ السينما المصرية، وأن حجم تكلفته يمثل «مغامرة كبيرة» لصنّاعه.
وأشار مراد إلى أن مسلسل أم كلثوم مرّ على عرضه 25 عامًا، وهو ما يجعل أجيالًا جديدة لم تشاهده أو لا تتذكره، بينما تغيّرت آليات المشاهدة وطريقة عرض الأعمال الفنية بشكل كامل منذ ذلك الوقت.
وتابع أحمد مراد أن فيلم «الست» يمثل تجربة مختلفة، لأنه يقوم على بطولة نسائية كاملة، وهو رهان إنتاجي كبير في ظل غياب هذا النوع من البطولات عن السوق المصري منذ سنوات طويلة.
وأوضح أنهم حاولوا استعادة هذا التوازن من قبل، مشيرًا إلى أن هند صبري أصبحت محور الأحداث في «الفيل الأزرق 2» بدلًا من خالد الصاوي، في محاولة لإعادة الاعتبار لبطولة المرأة في السينما.
وأكد أن تقديم فيلم ضخم ببطولة نسائية يعد مغامرة إنتاجية حقيقية، مشددًا على أن المقصود ليس الفنانة الكبيرة منى زكي كشخص، بل الفكرة ذاتها: أن تتصدر امرأة عملًا سينمائيًا كبيرًا بهذا الحجم.
وأشار مراد إلى أن العام الحالي يصادف اليوبيل الذهبي لرحيل أم كلثوم، داعيًا إلى تحويل المناسبة إلى احتفالية واسعة على غرار ما فعلته لندن عند مرور 400 عام على شكسبير، حين اكتست المدينة كلها بروحه وإرثه.
وختم أحمد مراد حديثه بالإشارة إلى أن فيلم «الست» يقدم سيرة السيدة أم كلثوم كما رآها صُنّاع العمل، اعتمادًا على ما توفر من شهادات موثوقة من حياتها، والكتب التي تناولتها، وروايات من عاشوا بقربها. وأكد أنهم استندوا في بناء الصورة الدرامية إلى روايات شخصيات من محيطها لا تزال على قيد الحياة، مثل الفنان هاني مهنا والفنان مجدي الحسيني، اللذين عزفا في فرقتها، بالإضافة إلى ما قدمه الكاتب الكبير محمد سلماوي من معلومات ورؤى أسهمت في فهم جوانب عدة من شخصية أم كلثوم الحقيقية.
وأوضح مراد أن العمل لا يهدف إلى تمجيد أم كلثوم أو الإساءة إليها، بل إلى تقديم ما تأكد له من حدوثه فعلًا، مع الابتعاد عن الروايات غير الموثقة أو التي لا تستند إلى جذور واضحة.

زيارة مصدر الخبر