اليوم السابع, ثقافة 5 ديسمبر، 2025

هل تساءلت من قبل ما أول حيوان استطاع الإنسان أن يستأنسه؟ هل هو الحمار أم الماعز والبقر؟ بالطبع هناك تصورات كثيرة لكن وفقًا لأغلب الأبحاث الأثرية والجينية المعاصرة يبدو أن أقدم حيوان دخل في علاقة استئناس مع الإنسان، متقدمًا بآلاف السنين على الماعز والأغنام والأبقار وسائر حيوانات المزرعة هو الكلب.

تُعرف دراسات الاستئناس “Domestication” بأنها علاقة متبادلة طويلة الأمد بين الإنسان ونوعٍ من الحيوانات أو النباتات، تتغير فيها جينات وسلوكيات الكائن لمصلحة هذه الشراكة، وبحسب مراجعات علمية منشورة في مراجع متخصصة، فإن الكلب – المنحدر من سلالة الذئب الرمادي – هو أول حيوان استأنسه الإنسان، وسبق بذلك استئناس حيوانات المزرعة والزراعة بفترة طويلة. 

وحسب دراسة منشورة في مجلة “Science” عام 2020 عن الأصول الجينية للكلاب القديمة تؤكد بوضوح أن “الكلاب كانت أول حيوان استأنسه الإنسان”، وأنها انحدرت من ذئابٍ قديمة ارتبطت بالبشر ارتباطًا وثيقًا، حتى كوَّنت معها سلالة جديدة هي الكلب المنزلي. 

وتتفق معظم المصادر على أن العلاقة المستأنسة بين الإنسان والكلب تعود إلى ما لا يقل عن 15 ألف سنة، وربما أبعد من ذلك؛ إذ تشير الأدلة الجينية إلى انفصال السلالة التي خرج منها الكلب عن الذئاب الحديثة قبل نحو 20–40 ألف سنة، بينما تظهر في السجل الأثري بقايا كلاب مؤكّدة منذ نحو 17.5 ألف سنة على الأقل. 

أدلة أثرية: قبور مشتركة بين الإنسان والكلب

من أشهر الاكتشافات ما يُعرف بـ”كلب بون– أوبركاسل” في ألمانيا، حيث عُثر عام 1914 على مقبرة تعود إلى العصر الحجري القديم المتأخر، تضم رفات رجل وامرأة وكلب دُفن معهما، في ما يعد من أقدم شواهد العلاقة الوجدانية بين الإنسان والكلب، وتشير دراسات لاحقة إلى أن عمر هذا الكلب يقارب 14 ألف سنة، وأنه كان يعاني من مرض خطير،  لكنه عاش فترة أطول مما كان ممكنًا دون رعاية بشرية، ما يدل على أنه تلقى عناية خاصة وغذاءً ورعاية من أصحابه من البشر.    

إلى جانب هذا الكشف، توثق دراسات أثرية وجود بقايا كلاب أخرى من ثقافات العصر الحجري في إسبانيا وفرنسا وسويسرا تعود إلى ما بين 17.5 و15 ألف سنة، ما يعزِّز الفكرة القائلة بأن الكلب صار شريكًا ثابتًا للإنسان قبل ظهور الزراعة واستئناس حيوانات المزرعة. 

زيارة مصدر الخبر