اليوم السابع, ثقافة 7 ديسمبر، 2025

الشاعر العربي  امرؤ القيس أحد أبرز رموز الشعر الجاهلي، حتى لقب بـ رأس شعراء العرب و”أشعر الناس”، وهو صاحب إحدى أشهر المعلقات، وشخصيته تقع عند الحد الفاصل بين الواقع التاريخي والبناء الأسطوري؛ فهو أمير من ملوك كندة، وشاعر فذ، وفارس عاش حياة متمردة، وارتبطت سيرته بملامح البطولة والمجون والتشرد.

تمثل نهاية امرئ القيس الغامضة رمزًا لانهيار عصر وبزوغ آخر، وقد صيغت حولها أسطورة كاملة تُعلي من مكانة الشاعر العاشق المتمرّد، الذي عاش حياة قلقة وانتهى ميتة غامضة في أنقرة، قيل إنها بسبب ثوبٍ مسموم. وبفعل هذا الامتزاج بين الحقيقة والخيال، تحوّلت شخصيته إلى أيقونة أدبية يُحتفى بها عبر لقبَي “الملك الضليل” و “ذو القروح”.

ويوضح الباحث أحمد هادي باحارثة في دراسة بعنوان “حياة امرؤ القيس الكندي” أن إن حيات امرؤ القيس سواء قبل مصرع والده أو بعده، داخلتها بعض الأساطير والمبالغات وتضارب الروايات إلا أن ذلك لا يؤدي إلى رفضها بالكلية أو رفض جملتها أو الشق الأكبر منها، وإن في شعره لما يدل على حياته مما تلقاه عامة الرواة الموثوقين والنقاد الأقدمين بالقبول بعد التمحيص، مع إمكانية الجمع بين تلك الروايات في كثير من الأحيان بعيداً عن الإفراط في التشكيك، وتضخيم التضارب، وإهدار المرويات.

بين التاريخ والأسطورة

ولد امرؤ القيس، واسمه الحقيقي جندح بن حجر الكندي، مطلع القرن الخامس الميلادي في مرّات بنجد، عاصمة مملكة والده حجر بن الحارث، ملك بني أسد وغطفان. أما والدته فهي فاطمة بنت ربيعة التغلبيّة، أخت كليب والمهلهل، وقد ورث عن خاله ملكة الشعر.

ورغم نسبه الملكي، لم يسر امرؤ القيس على خطى أبيه في الحزم والهيبة؛ فقد استغرقته حياة اللهو والغزل الصريح ومجالسة الصعاليك، الأمر الذي أثار غضب والده، فطرده إلى دمون في الهجرين باليمن. وتذكر بعض الروايات – كما أورد مصطفى صادق الرافعي – أن حجرًا طرده لأنه قال الشعر، وكان ملوك العرب يتعففون عن قول الشعر.

ويرى الرافعي أن سر بقاء شعر امرئ القيس حيًا في الذاكرة العربية هو تلك المزجية الخاصة في لغته: رقة الغزل والخمر والمنادمة، مع صور خلابة للطبيعة والصيد والخيل، في مقابل خشونة البداوة التي تطبع شعر غيره. لذلك وصفه بأنه «كَالظّلِّ الذي يفيء، والماءِ الجاري، والنسيمِ المُترنّح».

تعدد الشخصيات واختلاط السير

يشير الأمادي في «المؤتلف والمختلف» إلى وجود نحو عشرة شعراء جاهليين يحملون اسم امرئ القيس، وهو ما زاد من تعقيد الصورة التاريخية. كما بحث المستشرقون في شخصية هذا الشاعر، ووجدوا أنها تشكّلت بروايات متشابكة قد تعود لأشخاص مختلفين.

أشهر الروايات المتداولة عنه: أنه خرج يطلب دم والده حجر الذي قتله بنو أسد، وفي رواية أخرى أنه قصد قيصر الروم جستنيان طلبًا للدعم السياسي والعسكري، ويقال ‘نه مات بسبب ثوب مسموم أهداه إليه أحد أعدائه.

لكن الباحثين، ومنهم الربيعي، وقفوا عند هذه القصص وناقشوها نقديًا، بل شككوا بوثائق بيزنطية تُنكر لقاؤه بجستنيان، كما ربطوا حادثة «الثوب المسموم» بأسطورة يونانية مشابهة عن هرقل الذي قُتل بثوبٍ ملوث بسائل سام وضعته زوجته دون قصد.

زيارة مصدر الخبر