رغم التزام اليابان الصارم بمبادئها النووية الثلاثة التي ترفض امتلاك أو إنتاج أو استضافة الأسلحة النووية، تتجه طوكيو إلى تعزيز دور الطاقة النووية في مزيج الكهرباء الوطني، في محاولة لمواجهة تحديات أمن الطاقة وارتفاع التكاليف.

وتسعى الحكومة اليابانية إلى رفع مساهمة الطاقة النووية إلى نحو 20% من إنتاج الكهرباء بحلول عام 2040، بما يكفي لتزويد أكثر من 10 ملايين منزل بالطاقة.

 

إرث فوكوشيما الذي أعاد رسم السياسة النووية

التحول الحالي لا يمكن فصله عن زلزال وتسونامي عام 2011، اللذين تسببا في كارثة فوكوشيما النووية بعد انهيار أنظمة التبريد وتسرب الإشعاعات، ما دفع السلطات حينها إلى إغلاق جميع المفاعلات النووية البالغ عددها 54 مفاعلا كإجراء أمني شامل.

وكان من بين المنشآت التي أُغلقت محطة كاشيوازاكي–كاريوا، الواقعة شمال غرب طوكيو، والتي تُعد واحدة من أكبر محطات الطاقة النووية في العالم.

 

محطة عملاقة خارج الخدمة

أنشئت محطة كاشيوازاكي–كاريوا في ثمانينيات القرن الماضي، وتضم سبعة مفاعلات نووية بطاقة إجمالية تصل إلى 8.2 غيغاواط، وشكلت لسنوات ركيزة أساسية في منظومة الكهرباء اليابانية.

غير أن توقفها الكامل بعد 2011 فاقم اعتماد اليابان على الوقود الأحفوري المستورد، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الكهرباء، ودفع البلاد لتصبح ثاني أكبر مستورد للوقود الأحفوري في العالم بعد الصين.

 

إعادة تشغيل تدريجية

في إطار خطتها الجديدة، قررت اليابان إعادة تشغيل مفاعل واحد من أصل سبعة في محطة كاشيوازاكي–كاريوا، بطاقة تشغيلية تبلغ 1.36 غيغاواط، كخطوة أولى ضمن مسار تدريجي لإعادة تشغيل المحطة بالكامل.

وترى الحكومة أن هذه الخطوة ستسهم في خفض أسعار الكهرباء، وتقليل فاتورة الاستيراد، إلى جانب خلق فرص عمل في المناطق المحيطة بالمحطة.

 

رفض محلي ومخاوف سلامة

في المقابل، واجه القرار اعتراضات شعبية، حيث نظم مئات من سكان المنطقة تظاهرات أمام المحطة، معبرين عن مخاوفهم من مخاطر الإشعاع وسلامة الإجراءات الوقائية، في ظل الذاكرة المؤلمة لكارثة فوكوشيما.

ويؤكد المحتجون أن أي خطأ جديد قد تكون له تداعيات بيئية وإنسانية جسيمة لا يمكن تداركها.

 

رهان على الثقة والاستثمارات

شركة تيبكو المشغلة للمحطة تعهدت باستثمار أكثر من 600 مليون دولار لدعم مدينة نيغاتا والمناطق المحيطة، بهدف تعزيز إجراءات السلامة، وتحسين الجاهزية للطوارئ، وكسب ثقة السكان المحليين قبل المضي قدمًا في خطة إعادة التشغيل.

زيارة مصدر الخبر