ثقافة, جريدة الدستور 5 يوليو، 2025

15 عاما مرت على وفاة الكاتب والأكاديمي المصري نصر حامد أبو زيد، إذ رحل عن عالمنا في 5 يوليو لعام 2010 في مستشفى زايد التخصصي، وتم دفنه في مقابر أسرته بمنطقة قحافة بمدينة طنطا، تاركًا وراءه إرثًا فكريًّا مثيرًا للجدل، إذ أثار نقاشات واسعة حول تأويل النصوص الدينية، وفتح الباب أمام تجديد الخطاب الديني.

بدايات نصر حامد أبو زيد

وُلد نصر حامد أبو زيد في إحدى قرى مدينة طنطا في 10 يوليو عام 1943، ونشأ في كنف أسرة ريفية بسيطة، ولم يتمكن في البداية من الحصول على شهادة الثانوية العامة، نظرًا لظروف أسرته المادية التي لم تسمح له باستكمال تعليمه الجامعي آنذاك، فاكتفى بدبلوم المدارس الثانوية الصناعية (قسم اللاسلكي) عام 1960.ورغم ذلك، ظل طموحه حيًّا، فواصل الدراسة أثناء عمله حتى حصل على شهادة الثانوية العامة، ما أهله للالتحاق بالجامعة، واختار دراسة اللغة العربية والفلسفة في كلية الآداب، ويذكر أنه بكى حين نجح في السنة الأولى بتقدير “جيد” فقط، فزاد من عزيمته واجتهاده حتى أصبح الأول على دفعته، وتخرّج بتقدير امتياز.وفي عام 1972 حصل أبو زيد على ليسانس اللغة العربية وآدابها من كلية الآداب بجامعة القاهرة بتقدير ممتاز، ثم نال درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية عام 1976، وأخيرًا حصل على الدكتوراه من نفس القسم والكلية عام 1979 بمرتبة الشرف الأولى.

جدل واتهامات بالتكفير

وتبنى أبو زيد فكرة أنّ النصوص الدينية ليست “نصوصًا جامدة”، بل هي نصوص قابلة للتأويل، تتفاعل مع الواقع والتاريخ، وقد رأى أن تقديس الفهم البشري للنصوص يؤدي إلى جمود فكري، وهذه الأفكار وضعته في مواجهة مباشرة مع التيارات التقليدية، وأدى ذلك إلى اتهامه بـ”الكفر والردة”، قبل أن يختار المنفى الفكري والجغرافي في هولندا.

أبرز مؤلفات نصر حامد أبو زيد

ترك أبو زيد عددًا من الكتب والمؤلفات الفكرية، أبرزها: “الاتجاه العقلي في التفسير” (1978): وهو أطروحته للدكتوراه، ويُعَد من أهم أعماله المبكرة.”مفهوم النص: دراسة في علوم القرآن” (1990): يعد من كتبه الأكثر شهرة، وفيه قدم رؤيته في ضرورة تأويل النص الديني من منظور معاصر.”نقد الخطاب الديني” (1992): هاجم فيه الرؤى الجامدة للنصوص، ودعا إلى تجديد الخطاب الديني.”الخطاب والتأويل” (2000): تناول فيه العلاقة بين الخطاب الديني والسلطة، وكيفية تلاعب الخطابات السياسية والدينية بالنصوص.”دوائر الخوف: قراءة في خطاب المرأة” (1999): حلل فيه العلاقة بين الفكر الديني وقضايا المرأة.”فلسفة التأويل: دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي”.”التفكير في زمن التكفير”: رصد فيه محنته الشخصية وصراعه الفكري مع التيارات الدينية المحافظة.

مشروعه الفكري المثير للجدل

في كتابه “الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية”، سلك أبو زيد منهجًا نقديًا جريئًا، حيث أعاد قراءة التراث وأثار أسئلة حول أصول الدين، خاصة فيما يتعلق بالسنة النبوية، وقد اعتمد على التأويلات اللسانية والقراءات المعاصرة، ما اعتبره خصومه تجاوزًا للثوابت وتشكيكًا متعمدًا في النصوص، واتهموه بتبني أفكار علمانية تبتعد عن روح الشريعة، وهاجم في ذلك الإمام الشافعي، متهمًا إياه بأنه أول من وسّع سلطة النص وضيّق مساحة العقل.

زيارة مصدر الخبر