التوسع فى الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة لإنتاج الكهرباء وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفورى، أصبح ضرورة لضمان استقرار الشبكة الكهربائية واستمرارها، حيث تمتلك مصر تمتلك موقعًا فريدًا يتيح لها الاستفادة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق واسع بشكل لا يوجد مثيل له بالعالم، حيث بدأت خلال السنوات الأخيرة تخطو خطوات جادة نحو تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفورى فى إنتاج الكهرباء والذى يسبب أضرارًا بيئية واقتصادية ضخمة.
و شهدت الدولة المصرية إطلاق عدد من المشروعات الطموحة فى مجال الطاقة المتجددة، أبرزها مجمع بنبان للطاقة الشمسية بمحافظة أسوان التى يطلق عليها عاصمة العالم للطاقة الشمسية، والذى يُعد من أكبر المشروعات فى العالم، إضافة إلى مشروعات الرياح فى منطقة خليج السويس وغيرها، وتساهم هذه المشروعات ليس فقط فى تعزيز قدرة مصر على إنتاج الطاقة النظيفة، بل أيضًا فى جذب الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص عمل جديدة، بما يدعم الاقتصاد الوطنى ويعزز مكانة مصر الإقليمية والدولية فى مجال الطاقة والتمكن من تحقيق الاستراتيجية الوطنية لتصبح محور عالمى للطاقة.
ومع التغيرات المناخية المتسارعة، أصبح من الضرورى تسريع وتيرة الاعتماد على الطاقة المتجددة لتقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق التزامات مصر الدولية فى إطار اتفاقية باريس للمناخ وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، علاوة على أن التوسع فى الاعتماد على الطاقة النظيفة يزيد من قدرة مصر على مواجهة الأزمات العالمية مثل تقلبات أسعار النفط والغاز.
هذا الملف يسلط الضوء على أهمية الطاقة المتجددة لمصر، من حيث الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية والخطط المستقبلية التى ترسم ملامح مشهد الطاقة الجديد فى الجمهورية الجديدة، كما يستعرض آراء الخبراء والمسؤولين حول الإمكانات المتاحة والآفاق المستقبلية.
التقرير السنوى لعام 2024 لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة
وفقا للتقرير السنوى لعام 2024 لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة التابعة لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة لتوضيح المؤشرات الفنية للطاقات المتجددة بمصر سواء الشمس أو الرياح أو المائى، وجاء فى بداية التقرير كلمة الدكتور محمد الخياط رئيس الهيئة الاسبق الذى اكد فيها أنه للعام التاسع على التوالى تواصل قدرات الطاقة المتجددة نموها، مشروعات طاقة رياح بمنطقة خليج السويس على ساحل البحر الأحمر، حيث محافظة سرعات رياح مثالية للاستثمار، ومشروعات طاقة شمسية فى صعيد مصر، وتحديدا ً أسوان، عاصمة الطاقة المتجددة، بامتلاكها مشروعات طاقة مائية أيضا، وتخصيص مساحات كبيرة لمشروعات طاقة الرياح فى المنطقة الغربية منها.
بلغ إجمالى القدرات المتجددة المركبة 7.7جيجاوات، منها 2.2 جيجاوات طاقة رياح تمثل 28%، بينما تشارك الطاقة الشمسية بنسبة 36% لتتجاوز قدراتها 2.8 جيجاوات، فى حين تشارك الطاقة المائية بقدرات إجمالية تصل إلى 2.8 جيجاوات بنسبة 36% فى إطار رفع معدلات تطوير مشروعات الطاقة المتجددة لتتواكب مع الاستراتيجية للطاقة المتجددة، خصصت الدولة أكثر من 42 ألف كيلومتر مربع لاستيعاب مشروعات الطاقة المتجددة، لأغراض انتاج الكهرباء وخفض الطلب على الوقود الأحفورى، وكذلك لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، سواء للسوق المحلى أو للتصدير للخارج.
و أضاف الخياط خلال كلمته بالتقرير السنوى أن مصر شهدت تقدم كبيرا فى مشروعات طاقة الرياح خلال عام 2024 حيث تم الاستفادة من المواقع الاستراتيجية التى تتمتع بسرعات رياح عالية، خاصة فى منطقة خليج السويس، حيث بدء التشغيل التجارى لمحطة رياح مملوكة للهيئة بقدرة 252 ميجا وات فى خليج السويس وكذلك دخول المرحلة الأولى من مشروع محطة البحر الأحمر لطاقة الرياح، المملوك لتحالف دولى، بقدرة 306 ميجا وات وذلك فى منطقة خليج السويس أيضا.
وكذلك واصلت مصر خلال عام 2024 تعزيز مكانتها كواحدة من الدول الرائدة فى مجال الطاقة الشمسية، حيث تم بدء تشغيل محطتى أكوا باور وآبيدوس- 1 بإجمالى قدرات 700 ميجا وات وقدرة بطاريات تبلغ حوالى 300 ميجا وات/ ساعة، وتعزز مصر من قدراتها فى تخزين الكهرباء بما يتسق مع استراتيجية 2024 تم توقيع اتفاقية مشروع إنشاء محطتى تخزين طاقة بقدرة 1500 ميجا وات، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الطاقات المتجددة وضمان اتزان واستقرار الشبكة الموحدة خلال فترة الذروة بهدف خفض استهلاك الوقود التقليدى.
ومن ناحية أخرى أعلنت الحكومة المصرية “الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون” فى أغسطس 2024 والتى تهدف إلى تعزيز إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون باستخدام موارد الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. تسعى الاستراتيجية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وزيادة مساهمة مصر فى السوق العالمى للهيدروجين، حيث تستهدف من 5 إلى 8 % من سوق الهيدروجين العالمى. فى ذات السياق، أظهر حصاد العام الماضى ارتفاع عقود مشروعات الطاقة المتجددة لتصل إلى حوالى 17.3 جيجاوات فى طور الإنشاء والتطوير كان لطاقة الرياح النصيب الأكبر بنسبة 66%، تليها الطاقة الشمسية بنسبة 34 % إلى جانب أكثر من 1500 ميجا وات / ساعة بطاريات.
وأوضح التقرير السنوى لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة لعام 2024 أن إجمالى مشروعات الطاقة المتجددة التابعة للهيئة بلغت قدرتها 1590 ميجا وات باستثمارات بلغت 3.4 مليار جنيه تمكنت من خفض 2 مليون طن من ثانى أكسيد الكربون، بالإضافة إلى تحقيق أرباح بلغت 3.9 مليار جنيه، فيما بلغت إجمالى مشروعات القطاع الخاص خلال العام الماضى 2177 ميجا وات باستثمارات بلغت 3.6 مليار دولار علاوة على 18 ألفا و170 ميجا وات تحت الإنشاء والتطوير.