شهدت كل محافظات الجمهورية، على مدار الأشهر الماضية، توسعًا واضحًا فى تقديم الخدمات الإلكترونية عبر آلية الشباك الواحد، وبناء المراكز التكنولوجية، التى تتكامل مع منصة مصر الرقمية، مع ربط المكاتب الحكومية المختلفة، وإتاحة الدفع الإلكترونى، وذلك ضمن مخطط الدولة لتنفيذ التحول الرقمى، ما أحدث نقلة نوعية فى التعامل مع الجهات الحكومية، حظيت بإشادات واسعة من المواطنين.وسمحت المراكز التكنولوجية، الثابتة والمتنقلة، بجميع المحافظات، وكذلك منصة مصر الرقمية، والتطبيقات الحكومية المختلفة، للمواطن بالحصول على كثير من الخدمات دون الحاجة للتنقل بين المصالح المختلفة، مع الفصل بين طالب الخدمة ومقدمها، ما ساعد فى سرعة الحصول على الخدمات، وأسهم فى توفير الوقت والجهد، فضلًا عن إغلاق الباب أمام المحسوبية والاضطرار لدفع الرشاوى والإكراميات لإنهاء الأوراق والمعاملات. القليوبية مواطنون: وداعًا للوقوف بالساعات فى المصالح الحكوميةوصف على فوزى، مهندس مقيم فى مدينة بنها بمحافظة القليوبية، التحول الرقمى، بأنه إنجاز كبير يساعد المواطنين فى توفير الوقت والجهد، خاصة من خلال المراكز التكنولوجية فى ديوان المحافظة والمراكز والأحياء والمدن، التى أسهمت فى القضاء بشكل كبير على النظام الإدارى المعقد، الذى كان يمكّن الموظفين من التحكم فى المواطنين، ويخلق أبوابًا خلفية للمخالفات والفساد.وأضاف «فوزى»: «المواطن الآن أصبح بعيدًا جدًا عن الموظف والخدمات الورقية، ويمكنه تقديم طلباته، سواء رخص بناء أو شكاوى أو غيرهما من خدمات المحليات، من خلال المركز التكنولوجى، مع حفظ حقه فى تسلم الرد الرسمى إلكترونيًا خلال أيام معدودة».وقال باسم مختار، مدرس، إن التحول الرقمى أنهى ظاهرة وقوف المواطنين فى المصالح الحكومية بالساعات للحصول على الخدمة، بعد أن أصبح المواطن يحصل على الخدمة من داخل منزله، دون زحام فى المواصلات أو ضياع الوقت.وأضاف «مختار»: «من داخل المنزل، يُمكننا الآن تلقى الخدمات والاستعلام عنها، ودفع كل الفواتير والاشتراكات عبر تطبيقات على التليفون المحمول، ما جعل كل الخدمات الحكومية فى يد المواطن، بعيدًا عن تعنت وابتزاز بعض الموظفين، ما يغلق الباب أمام كل أشكال الرشوة والفساد».واتفقت معهما نجلاء عبدالعزيز، موظفة، بقولها: «التحول الرقمى قضى على ابتزاز وتعنت بعض الموظفين تجاه المواطنين، وتعمدهم تأخير مصالحهم وخدماتهم، فكل المعاملات الآن مُسجلة على المنظومة بشكل رسمى وموثق بعيدًا عن الورق ونظام الجزر المنعزلة فى الإدارات». بنى سويف نظام إلكترونى للحجز المسبق وسيارات تكنولوجية متنقلة أتمت أجهزة الدولة المعنية إنشاء وتجهيز مراكز تكنولوجية حديثة فى الوحدات المحلية السبع بمحافظة بنى سويف، ضمن جهودها فى التحول الرقمى لتسهيل تقديم الخدمات للمواطنين.يأتى ذلك فى إطار برنامج «تحسين الخدمات الحكومية»، الذى تنفذه وزارة التخطيط بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية والمحافظات، بهدف رفع كفاءة المعاملات الحكومية، وتطوير الأداء الإدارى، وتوفير قنوات «مميكنة» ومتعددة لتقديم الخدمات بسرعة وسهولة للمواطنين.وتتميز المراكز التكنولوجية فى بنى سويف بأنظمة حديثة، أبرزها نظام الحجوزات الإلكترونى المسبق، وتعد بنى سويف من بين ٣ محافظات تتوافر بها هذه التقنية، بالإضافة إلى تقديم أكثر من ١٠٠ خدمة ومعاملة حكومية ضمن منظومة «الشباك الواحد» المميكنة، لضمان جودة الخدمات والشفافية.وتشمل خدمات المراكز التكنولوجية ما تقدمه الإدارات الهندسية من إصدار تراخيص البناء والإحلال والتجديد، وتلقى طلبات التصالح، وغيرها من الخدمات الجماهيرية، إلى جانب رفع ٤٢ خدمة على البوابة الإلكترونية للمحافظة لتسهيل الإجراءات على المواطنين إلكترونيًا.وقال الدكتور محمد هانى غنيم، محافظ بنى سويف، إن المحافظة بها ٧ مراكز تكنولوجية حديثة، بالإضافة إلى سيارة تكنولوجية متنقلة تجوب جميع قرى ومراكز المحافظة، ضمن جهود الدولة للتيسير على المواطنين فى الحصول على الخدمات الحكومية، والتحول الرقمى، لتصبح أكثر كفاءة ويسرًا فى الوصول للمواطنين.أما أحمد محمد، مواطن من بنى سويف، فقال إن المراكز التكنولوجية الحديثة وفّرت علينا وقتًا كبيرًا، مضيفًا: «كنا بنقف بالساعات قبل وجود هذه المراكز، أما الآن فالخدمات تنتهى فى دقائق، دون أى تعقيدات». القاهرة 22 مركزًا تكنولوجيًا.. وبناء كوادر من أجل «عاصمة رقمية» نجحت أجهزة محافظة القاهرة فى التوسع فى تنفيذ ملف التحول الرقمى، بعد أن دشنت ٢٢ مركزًا تكنولوجيًا، فضلًا عن المراكز التكنولوجية المتنقلة، التى سهلت تقديم كثير من الخدمات إلى أبناء المحافظة.قال الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، إن المحافظة تعمل وفق رؤية واضحة لتسهيل الخدمات المقدمة للمواطنين عبر المراكز التكنولوجية المنتشرة فى الأحياء، فضلًا عن المراكز التكنولوجية المتنقلة لتقديم الخدمات، ما يتماشى مع خطة الدولة للتحول الرقمى فى مخطط ٢٠٣٠.وأضاف «صابر»: «الرقمنة لم تقتصر على الخدمات المقدمة فى المراكز والتعامل مع شكاوى المواطنين، بل شملت العمل بالإدارات والمديريات وكل أجنحة أجهزة المحافظة»، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى أن «ملف التحول الرقمى أكبر من مجرد مراكز تكنولوجية وحواسب وتطبيقات ذكية، إنما يتضمن بناء كوادر وقيادات قادرة على التعامل وفق رؤية جديدة».وقال محمد نادر، ٤٥ عامًا، من سكان حى عابدين بالقاهرة، إن انتشار المراكز التكنولوجية اختصر الوقت والجهد، حيث أصبح من الممكن الحصول على التراخيص ودفع الضرائب وغيرهما، من خلال تعاملات حكومية بسيطة وبضغطة زر، أو بزيارة للمركز التكنولوجى دون الحاجة للمحسوبية أو «دفع إكراميات» للموظفين. البحيرة.. «SMS» لإعلام المواطنين بمراحل سير الخدمة قالت الدكتورة جاكلين عازر، محافظ البحيرة، إن بوابة الخدمات الحكومية للمحافظة بدأت بالفعل فى استقبال طلبات المواطنين، مع إتاحة ٤٥ خدمة متنوعة، من بينها تقديم طلبات التصالح على مخالفات البناء، وطلب تراخيص المحال العامة، فضلًا عن إتاحة خاصية الدفع الإلكترونى، وتفعيل خدمة الرسائل النصية «SMS»، لإعلام المواطنين بمراحل سير الخدمة.وأشارت إلى أنه تم إنشاء ٣٥ مركزًا تكنولوجيًا بالمحافظة لخدمة المواطنين، مع ربطها إلكترونيًا بجميع الإدارات، والعمل على ربط ديوان المحافظة وأقسامها بوحدات مجالس المدن والمراكز، وإعداد لغة رقمية مشتركة لتبادل الأوراق والمستندات والتوقيعات الإلكترونية. وقال محمد صلاح، موظف فى المركز التكنولوجى بمدينة الدلنجات، إن المركز يعمل على تقديم الخدمات الحكومية بصورة حضارية وسريعة ودقيقة، مع الفصل بين طالب الخدمة والموظف، وإنهاء المعاملات بأقصى سرعة ممكنة، وبدقة عالية، لتجنب الأخطاء. مطروح ربط شامل للإدارات.. وتقديم الخدمات عبر «الشباك الواحد» قال اللواء خالد شعيب، محافظ مطروح، إن المحافظة تعمل بشكل متواصل على دعم البنية التكنولوجية داخل الجهات الحكومية، من خلال «ميكنة» الخدمات، وربط الإدارات المختلفة إلكترونيًا، ما يسمح للمواطن بالحصول على الخدمة دون الحاجة للتنقل بين المصالح المختلفة.وأضاف «شعيب»: «من خلال المراكز التكنولوجية، يستطيع المواطن الحصول على خدمة لائقة عن طريق الشباك الواحد، ويمكن متابعة كل الإجراءات بشكل دورى، والتعامل مع المشكلات ووضع حلول لها على الفور».وأوضح أن الدولة أتاحت عددًا كبيرًا من الخدمات عبر المنصات الرقمية، ما قلل من التكدس داخل المكاتب الحكومية، فضلًا عن تعزيز مبادئ الشفافية، ومكافحة الفساد المالى والإدارى، من خلال توثيق مراحل تقديم الخدمة، وإتاحة تتبع الطلبات إلكترونيًا.وقال سليمان الجندى، من أبناء مطروح، إن التحول الرقمى غيّر شكل الخدمة الحكومية، من خلال إنشاء المراكز التكنولوجية، وتأسيس منصة مصر الرقمية، ما سمح بإنهاء جميع الإجراءات بشكل أسهل وأسرع. الغربية ديوان عام «رقمى» و«خطوط فايبر» فى 800 مؤسسة أكد اللواء شريف الجندى، محافظ الغربية، انتهاء المحافظة من تحديث البنية التحتية التكنولوجية، من خلال إنشاء مراكز تكنولوجية متكاملة فى المبانى الجديدة، ووضع منصات رقمية موحدة لإدارة التراخيص، و«رقمنة» المراسلات والمستندات، بالتعاون مع الشركة المصرية للاتصالات.وأضاف «الجندى»: «محافظة الغربية شهدت إنشاء اكثر من ١٥ مركزًا تكنولوجيًا بتكلفة حوالى ٣٠ مليون جنيه، بالتزامن مع (رقمنة) الديوان العام، وربط الإدارات والمكاتب ببعضها البعض، وإدخال خطوط (الفايبر) فى أكثر من ٨٠٠ مؤسسة حكومية».وواصل: «تزامن ذلك كله مع إنشاء مركز السيطرة الموحد للشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة، الذى تتم من خلاله متابعة كل ما يحدث فى المحافظة، وتقليص زمن الاستجابة للحدث، وسرعة التعامل مع الحوادث والكوارث».وقال عيد قطب، من أهالى مدينة طنطا، إن المراكز التكنولوجية غيرت شكل الخدمات المقدمة من الأحياء والمراكز، وذلك من خلال «رقمنة» جميع الخطوات اللازمة للحصول على الخدمة الحكومية، ما يضمن السرعة والشفافية فى جميع الإجراءات. الفيوم ربط التموين والرخص والشهر العقارى والمرور والقضاء ضمن «نظام موحد» أكد الدكتور أحمد الأنصارى، محافظ الفيوم، أن المحافظة قطعت خطوات واسعة نحو تنفيذ التحول الرقمى داخل المصالح الحكومية، مؤكدًا أن الهدف الأساسى لها «تقريب الخدمة من المواطن ليحصل عليها دون عناء».وقال «الأنصارى»: «لم يعد المواطن مضطرًا للتنقل من مكتب إلى آخر للحصول على مستند أو خدمة، فاليوم يستطيع إنهاء معاملاته من خلال منصة مصر الرقمية، أو عبر مجمعات الخدمات الحكومية، التى تعمل بنظام إلكترونى كامل يضمن الدقة والشفافية وسرعة الأداء».وأشار إلى أن الدولة تعمل على توحيد قواعد البيانات بين الجهات الحكومية داخل المحافظة، وربط خدمات التموين، والرخص، والسجل التجارى، والشهر العقارى، وخدمات المرور، والمصالح القضائية، وغيرها ضمن نظام موحد.وأضاف: «نحن بصدد الانتهاء من تحويل جميع المراكز إلى خدمات رقمية بالكامل، والخطة تشمل دعم القرى أيضًا من خلال مراكز تكنولوجية فرعية لتقليل الفجوة بين الريف والمدينة. والهدف النهائى أن يحصل المواطن على جميع خدماته من مكان واحد أو من هاتفه المحمول».ونوه بأن المرحلة المقبلة تشهد إدراج خدمات جديدة ضمن خطة التحول الرقمى، أبرزها الإجراءات الخاصة بالتعاملات على الأراضى الزراعية، وتصاريح البناء، وحجز خدمات الصحة، ودعم برامج الحماية الاجتماعية.وقال عيد سيد، من أبناء الفيوم: «زمان كنا بنقضى اليوم كله بين المكاتب، دلوقتى أغلب الأوراق بتخلص على السيستم، والمعلومة بتوصل أسرع، والموظف بقى متاح وبيساعد من غير زحمة». الإسكندرية «ميكنة» الخدمات الصحية.. ومنصة رقمية لاستقبال الشكاوى شهدت محافظة الإسكندرية تعزيزًا واضحًا لآليات التحول الرقمى بالمحافظة، أثرت على كل القطاعات بها، وعلى رأسها القطاع الصحى، الذى شهد تطويرًا كبيرًا يواكب استراتيجية الدولة فى بناء نظام صحى حديث، يعتمد على نظم المعلومات والتحول الرقمى.وقال الدكتور محمد يحيى بدران، وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية، إن المحافظة مستمرة فى أعمال «ميكنة» الخدمات الصحية، وربط الوحدات والمنشآت الطبية بنظام موحد، وتجميع وتحليل البيانات الصحية الخاصة بجميع المنشآت العلاجية والوقائية بالمحافظة، وكذلك متابعة مؤشرات الأداء الصحى بشكل دورى.وفى قطاع الصرف الصحى، أعلنت شركة الصرف الصحى بالإسكندرية عن تنفيذ خطوات جادة طوال الفترة الماضية نحو تفعيل التحول الرقمى، شملت تطوير أنظمة المراقبة والتحكم بالمحطات، وتفعيل المنصة الرقمية لاستقبال الشكاوى، ومتابعة تنفيذها لحظة بلحظة، بجانب تدريب الكوادر البشرية على استخدام التقنيات الحديثة فى إدارة الشبكات والمحطات، وتطبيق أنظمة الأمن السيبرانى وتأمين البيانات، الذى يمثل حجر الزاوية فى تحقيق استدامة المنظومة، وحماية بيانات العملاء والمستخدمين من أى تهديدات أو مخاطر محتملة.وأشاد محمد محمود، من أبناء الإسكندرية، بالخطوات الواسعة التى اتخذتها الدولة فى مجال التحول الرقمى، معتبرًا أنها تمثل نموذجًا إقليميًا رائدًا، يواكب أفضل الممارسات الدولية، ويخدم المواطن بشكل مباشر.وأضاف «محمود»: «الرقمنة التى تشهدها مصر نجحت فى تقريب مئات الخدمات الحكومية للمواطن بشكل غير مسبوق، فالمواطن لم يعد مضطرًا للتنقل بين المكاتب الحكومية لساعات طويلة، بل أصبح بإمكانه إنجاز المعاملات من خلال المنصات والتطبيقات الإلكترونية المتطورة، مع توفير الوقت والجهد». أسيوط تقليل الاحتكاك المباشر بين الموظفين وطالبى الخدمات قال اللواء هشام أبوالنصر، محافظ أسيوط، إن المحافظة شهدت إنشاء ١٣ مركزًا تكنولوجيًا، موزعة على مستوى مراكز وأحياء المحافظة، للمساهمة فى تقديم الخدمات المختلفة للمواطنين، من خلال خاصية «الشباك الواحد»، ما أسهم فى توفير الوقت والجهد.وأضاف «أبوالنصر» أن المراكز التكنولوجية وبوابة الخدمات الحكومية، بالإضافة إلى الأرقام الخاصة بغرف العمليات والشكاوى والطوارئ، مكّنت أبناء المحافظة من الحصول على أكثر من ٤٩ خدمة إلكترونية بسهولة ويسر.وواصل: «هذه المراكز تقدم خدمات تجديد التراخيص، وطلبات السداد والتقنين، وأسهمت فى تقليل الاحتكاك المباشر بين طالب الخدمة ومقدمها، ما يعد ركيزة أساسية لتوفير الوقت والجهد على المواطنين فى محافظة ذات كثافة سكانية واسعة».وقال على حمزة عبدالكريم، رئيس جمعية المستثمرين فى أسيوط، إن تنفيذ برامج التحول الرقمى جاء مفيدًا للمستثمرين، سواء فى إنهاء الإجراءات أو التراخيص، مع توفير خدمات تحويل الأموال وسداد الرسوم دون الحاجة إلى التنقل بين الجهات الحكومية المختلفة.وأتم بقوله: «التحول الرقمى يسهم بشكل مباشر فى زيادة الاستثمارات بمختلف القطاعات، مع تشجيع المستثمر على إنهاء كل الإجراءات التى يرغب فيها دون عناء».محمد أبوشادى
جريدة الدستور, مقالات
21 نوفمبر، 2025